صامد

صامد

الأحد، 2 فبراير 2014

حركة فتح : النشأة والانطلاقة والفكر والثوابث

صامد للأنباء\البيان الأول لقوات العاصفة
حركة التحرير الوطني الفلسطيني

" فتــــــــح "
...
بلاغ عسكري رقم 1
صادر عن القيادة العامة لقوات العاصفة

اتكالا منا على الله ، وإيمانا منا بحق شعبنا في الكفاح لاسترداد وطنه المغتصب ، وإيمانا منا بواجب الجهاد المقدس .. وإيمانا منا بموقف العربي الثائر من المحيط إلى الخليج وإيمانا منا بمؤازرة أحرار وشرفاء العالم ..لذلك فقد تحركت أجنحة من القوات الضاربة في ليلة الجمعة 13/12/1964 م وقامت بتنفيذ العمليات المطلوبة منها كاملة ضمن الأرض المحتلة .. وعادت جميعها إلى معسكراتها سالمة ... وإننا لنحذر العدو من القيام بأية إجراءات ضد المدنيين الآمنين العرب أينما كانوا ... لان قواتنا سترد على الاعتداءات ممثلة .. وسنعتبر هذه الإجراءات من جرائم الحرب .. كما وأننا نحذر جميع الدول من التدخل لصالح العدو بأي شكل كان .. لان قواتنا سترد على هذا العمل بتعريض مصالح الدول للدمار أينما كانت ..

عاشت وحدة شعبنا

وعاش نضاله لاستعادة كرامته ووطنه

التاريخ 1/1/1965م

القيادة العامة لقوات العاصفة

إنطلقنآ وحملنـآ البنآدق , رجآل للموت تعآنـق ..
عندمآ تعزف البنـآدق ,, فإن الحق يتكلم والظآلم يتألم ..
والحور تنآدى " عشــتم يـآ رجآل الفتــح
و لتعلو الصرخة فينـآ جميعاً بإن الفتح لن تموت ... لن تموت .
فهي التآريخ و الوعد والعهدالذى كُتب بدمآء الشهدآء, وكيف يموت
من هم عند ربهم يرزقون ...

*********

حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"

النشأة:

تعود جذور نشأة حركة "فتح" إلى أواخر العام 1957، حيث تم عقد لقاء ضم ستة أشخاص هم: ياسر عرفات، وخليل الوزير وعادل عبد الكريم، وعبد الله الدنان، ويوسف عميرة، وتوفيق شديد، واعتبر هذا اللقاء بمثابة اللقاء التأسيسي الأول لحركة "فتح'"، وصاغ المؤسسون ما سمي "هيكل البناء الثوري" و"بيان حركتنا"، وتبع ذلك انضمام أعضاء جدد منذ العام 1959 كان أبرزهم: صلاح خلف، وخالد الحسن، وعبد الفتاح حمود، وكمال عدوان، ومحمد يوسف النجار، وكمال عدوان، وعبد الفتاح إسماعيل، ومحمود عباس.

في العام 1959 ظهرت "فتح" من خلال منبرها الإعلامي الأول مجلة "فلسطيننا – نداء الحياة"، التي صدرت في بيروت منذ شهر تشرين ثاني/ نوفمبر، والتي أدارها توفيق خوري، وقامت مجلة "فلسطيننا" بمهمة التعريف بالحركة ونشر فكرها ما بين 1959 – 1964 واستقطبت من خلالها العديد من المجموعات التنظيمية الثورية الأخرى، فانضم للحركة خلال تلك الفترة كل من: ماجد أبو شرار، وأحمد قريع، وفاروق قدومي، وصخر حبش، ويحيى عاشور، وزكريا عبد الحميد، وسميح أبو كويك، وعباس زكي، وغيرهم الكثير إلى صفوف هذه الحركة الناشئة.

الانطلاقة:

قررت قيادة "فتح" الموسعة بدء الكفاح المسلح في 31/12/1964 باسم قوات "العاصفة" بالعملية الشهيرة، التي تم فيها تفجير شبكة مياه إسرائيلية تحت اسم عملية "نفق عيلبون"، ثم تواصلت عمليات حركة "فتح" وأخذت تتصاعد منذ العام 1965 مسببةً انزعاجاً شديداً للجيش الإسرائيلي. وصدر البيان السياسي الأول في 28/1/1965 مبيناً أن المخططات السياسية والعسكرية لحركة "فتح" لا تتعارض مع المخططات الرسمية الفلسطينية والعربية، وأكدت الحركة لاحقاً على ضرورة التعبئة العسكرية. وأعلنت الحركة عن انطلاقتها في الأول من كانون ثاني/ يناير من العام 1965، كيوم لتفجر الثورة الفلسطينية المعاصرة.

وقد شكل انطلاق حركة فتح بالكفاح المسلح، في يناير 1965، ولادة حقيقية لحركة المقاومة الفلسطينية المعاصرة بعد النكبة، لتعيد معه "فتح" الاعتبار لهوية الشعب الفلسطيني وشخصيته الوطنية، وتلفت كل الأنظار إلى القضية الفلسطينية وعدالتها ومكانتها بين حركات التحرر في أرجاء العالم.

الفكر:

تستند حركة فتح في مبادئها على أن فلسطين أرض للفلسطينيين جميعاً، وهي أرض عربية يجب على كل أبناء العروبة المشاركة في تحريرها. وبلورت برنامجها النضالي الذي اهتم بتعبئة الشعب الفلسطيني بكل فئاته وطبقاته وأماكن تواجده، وتجنب الصراع الطبقي والفئوي والطائفي والإقليمي، وركز على العمل على استعادة الهوية الفلسطينية للأرض والشعب، وعلى أهمية ترسيخ استقلال الإرادة الفلسطينية، وتعظيم ارتباطها بالأمة العربية، واستقطاب دعمها وحمايتها، وبدأت فتح بعدها في الإعداد لانطلاق الكفاح المسلح من خلال قوات العاصفة.

الثوابت الاستراتيجية والسياسات المرحلية لحركة فتح:

انطلقت فتح كحركة للتحرر الوطني للشعب الفلسطيني، وثورة تستهدف تنوير الشعب الفلسطيني وتوحيده وتنظيمه وتحرير إرادته؛ لكي يأخذ زمام قضيته، فيدفعها من الجمود إلى الحركة؛ لإنهاء الاحتلال والاستيطان، وإعادة اللاجئين إلى وطنهم.

نأت الحركة في ثوابتها عن تبني فكر حزبي أحادي، باعتبارها حركة تحرر وطني تمثل الشعب بطوائفه وطبقاته وقطاعاته كافة، وفتحت الباب أمام تيارات سياسية وفكرية للانتماء إليها.

ويمكن تلخيص الأهداف المحددة في استراتيجية حركة فتح بما يلي:

أولاً: تحرير فلسطين وإنهاء الاستيطان وتحقيق الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني:
ويشمل ذلك حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وهو حق ثابت غير قابل للتصرف، لا يسقط بالتقادم، اعترف به وأكده المجتمع الدولي، وهو يشمل حقه في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس على الأرض الفلسطينية المحررة، التي احتلتها إسرائيل بعد الرابع من يونيو 1967، وحق اللاجئين في العودة والتعويض، استناداً إلى ميثاق الأمم المتحدة، وقرار الجمعية العامة رقم 194.

ثانياً: أساليب النضال وأشكاله:
ينطلق النضال من حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال، وفي النضال ضد الاستيطان والطرد والترحيل، والتمييز العنصري، وهو حق تكفله الشرائع والقوانين الدولية.

ثالثاً: الشخصية الوطنية المستقلة والهوية الفلسطينية:
ارتكزت استراتيجية حركة فتح على الشعب الفلسطيني ونضاله، وأنه لا بديل له عن وطنه؛ ولذلك فقد بذلت الحركة جهودها في كل الميادين لتأكيد الشخصية الوطنية المستقلة، ولتثبيت الهوية الفلسطينية.

رابعاً: الوحدة الوطنية الفلسطينية:
الشعب الفلسطيني شعب واضح الهوية والانتماء إلى وطنه، ويناضل منذ ما يقارب القرن من الزمان؛ من أجل الحفاظ على وطنه وهويته الوطنية، وتحرير أرضه من الاحتلال والاستيطان. والشعب العربي الفلسطيني وحدة واحدة داخل الوطن، وفي الشتات.

خامساً: الانتماء العربي:
تنطلق حركة فتح من أن الشعب الفلسطيني شعب عربي، وجزء لا يتجزأ من الأمة العربية.

سادساً: الإسلام والأديان السماوية في استراتيجية فتح:
فلسطين هي الأرض المقدسة للأديان السماوية الثلاث، والإسلام هو دين الأغلبية من أبناء الشعب الفلسطيني، وللأديان السماوية الأخرى نفس القدسية والاحترام، ولا تسمح حركة فتح بأي تمييز بين الفلسطينيين على أساس دينهم وعقيدتهم أو مقدار إيمانهم، وتحترم حرية العبادة للجميع.

سابعاً: دور العلاقات الدولية في استراتيجية فتح:
تسعى الحركة دائما إلى تنمية علاقاتها الدولية وتطويرها، موسعة دائرة أصدقائها وحلفائها، ملتزمة استراتيجياً بالقانون الدولي، وبشرعة الأمم المتحدة، ملتزمةً بميثاقها. وتنطلق حركة فتح في علاقاتها الخارجية من كونها حركة تحرر وطني تكافح ضد الاحتلال الإسرائيلي، مستندة دائماً في حركتها الشعبية والرسمية إلى حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وحقه في الاستقلال والعودة، كما أنها تستند إلى الحماية التي كفلها القانون الدولي الإنساني، وبالأخص اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 الخاصة بحماية المدنيين في زمن الحرب، وحماية المدنيين تحت الاحتلال الأجنبي، وإلى أحكام القانون الدولي، التي أكدت حق الشعوب في مقاومة الاحتلال، والحق في الكفاح من أجل حريتها واستقلالها وتقرير مصيرها.
***********

كانت النشأة عام 1958م على يد مجموعة من الشباب الفلسطيني ممن شاركوا في العمل الفدائي في قطاع غزة في عام 1953م، أو في صد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م، وهم: ياسر عرفات، وخليل الوزير، وعادل عبد الكريم، وعبدالله الدنان، ويوسف عميرة، وتوفيق شديد. التقوا في الكويت، واتفقوا وتعاهدوا على العمل من أجل تحرير فلسطين، فكانت القاعدة التنظيمية الأولى لحركة فتح، وكان لهذه القاعدة امتدادات تنظيمية في الضفة الغربية وغزة ومصر والأردن وسوريا ولبنان والكويت وقطر. وقد بدأت بالتوسع سراً فلم يكن هناك شروط لاكتساب العضوية في التنظيم سوى التوجه نحو فلسطين، والنقاء الأمني والأخلاقي، وعدم التبعية لأي نظام عربي.

جاءت النشأة إثر نكبة عام 1948م وما تلاها من أحداث ولدت شعوراً بالمرارة من عدم قدرة الزعامات الفلسطينية التقليدية على التحرك، وانشغال الدول العربية بمشاكلها القطرية.

ففي الفاتح من كانون الثاني-يناير عام 1965م كانت البداية وكانت الطلقة الأولى، حيث تسللت المجموعة الفدائية الأولى لحركة فتح إلى داخل الأرض الفلسطينية المحتلة، وفجرت نفق عيلبون الذي يتم من خلاله سحب مياه نهر الأردن لإيصالها إلى صحراء النقب، لبناء المستوطنات من أجل إسكان اليهود المهاجرين فيها، وعادت المجموعة الفدائية إلى قواعدها بعد أن قدمت شهيدها الأول أحمد موسى أثناء العملية لتعمّد بالدم باكورة مقارعتها للاحتلال، وكان البلاغ العسكري رقم واحد:

'اتكالاً منا على الله، وإيماناً منا بحق شعبنا في الكفاح لاسترداد وطنه المغتصب، وإيماناً منا بموقف العربي الثائر من المحيط إلى الخليج، وإيماناً منا بمؤازرة أحرار وشرفاء العالم، لذلك تحركت أجنحة من قواتنا الضاربة في ليلة الجمعة 31/12/1964م، 1/1/1965م وقامت بتنفيذ العمليات المطلوبة منها كاملةً ضمن الأرض المحتلة، وعادت جميعها إلى معسكراتها سالمةً. وإننا لنحذر العدو من القيام بأية إجراءات ضد المدنيين الآمنين العرب أينما كانوا؛ لأن قواتنا سترد على الاعتداء باعتداءات مماثلة، وستعتبر هذه الإجراءات من جرائم الحرب. كما وأننا نحذر جميع الدول من التدخل لصالح العدو، وبأي شكل كان، لأن قواتنا سترد على هذا العمل بتعريض مصالح هذه الدول للدمار أينما كانت. عاشت وحدة شعبنا وعاش نضاله لاستعادة كرامته ووطنه'.

القيادة العامة لقوات العاصفة 1/1/1965م.

وكان البلاغ الأول إيذانا بميلاد فجر جديد، ميلاد الثورة الفلسطينية المسلحة لتكون فتح أول من تبنّى الكفاح المسلح، باعتباره السبيل الوحيد لتحرير فلسطين، في ظل عالم كان لا يفهم لغة غير لغة القوة.

لم يرق ذلك لبعض الأنظمة العربية التي كانت تخشى على نفسها من عدوان إسرئيلي في ظل إفلاسها وانشغالها بالمهاترات السياسية في ذلك الوقت؛ فشنت حملة إعلامية واسعة النطاق على حركة فتح، وشرعت بحملة اعتقالات طالت معظم قيادات الحركة، وعلى رأسهم قائدها ومؤسسها الراحل ياسر عرفات. ولم تمنع كل إجراءات المع والملاحقة والتضييق هذه الحركة من مواصلة مسيرها.

ولم يكن الكفاح المسلح مجرد شعار فضفاض ترفعه الثورة الفلسطينية؛ بل كان جملة من المضامين والتوجهات المثمرة. فحيث تواصلت العمليات الفدائية في عمق الكيان المحتل لتقض مضاجعه، كانت 'فتح' تدير جملة من المسارات الهادفة إلى بلورة الهوية الوطنية للشعب الفلسطيني عبر منظومة متكاملة من الأنشطة السياسية والإعلامية والنقابية والثقافية التي حولت واقع الشتات البائس الى كينونة وطنية ترقى، في بعض تجلياتها إلى مصاف الكيانات السياسية الراقية في العالم.

في حزيران- يونيو عام 1967 هزمت إسرائيل الجيوش العربية الرسمية واحتلت ما تبقى من الأرض الفلسطينية وأجزاء واسعة من الأراضي العربية المتاخمة. فسارعت حركة 'فتح' في أعقاب الهزيمة إلى إعادة تشكيل الخلايا والمجموعات السرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة فنفذت أكثر من 130 عملية فدائية خلال الشهر الأول بعد الاحتلال.

لم تكن معركة الكرامة في 21 آذار- مارس 1968 انعطافة حاسمة في المسار الكفاحي لحركة 'فتح' وجناحها الضارب 'قوات العاصفة'، بل علامة فارقة في تاريخ النضال الفلسطيني بشكل عام. اذ تمكنت ثلة من الفدائيين تناهز الـ 300 مقاتل، مدعومة بوحدات من الجيش الأردني من صد عدوان عسكري إسرائيلي مدجج بأحدث أنواع العتاد. فتراجع الجيش الإسرائيلي الغازي بعد معركة شرسة وقد مني بخسائر فادحة.

بالنصر الذي أحرزته حركة فتح في معركة الكرامة، تعزز الرصيد الكفاحي والسياسي لنهج الكفاح المسلح وتبخرت ريبة البعض في جدوى هذا المسار، وتصاعد الالتفاف الجماهيري العربي والفلسطيني إلى حدوده القصوى ووجد هذا الالتفاف ترجمة له في آلاف المتطوعين في صفوف الحركة ليشكلوا ذخرا لمواصلة العمل المسلح في الضفة الغربية وقطاع غزة وعبر الحدود بشكل مكثف، وليعززوا مكانة الحركة وباقي فصائل العمل الوطني، ليس في أوساط الفلسطينيين فحسب، بل بين الجماهير العربية ولدى أحرار العالم أجمع.

بعد معركة الكرامة، زار ياسر عرفات، وكانت قيادة 'فتح' قد انتخبته متحدثا رسميا باسم الحركة، زار مصر، وعندما سأله الرئيس المصري جمال عبد الناصر عن صمود المقاتلين في معركة الكرامة وصد العدوان الإسرائيلي، أجابه أبو عمار قائلاً: 'نطعم لحومنا لجنازير الدبابات ولا نركع'. مما دفع الزعيم جمال عبد الناصر إلى إطلاق عبارته الشهيرة بصدد الثورة الفلسطينية: انها 'وجدت لتبقى وهي أنبل ظاهرة عرفها التاريخ'.

قادت الانتصارات العسكرية التي أحرزتها فصائل الكفاح الفلسطيني المسلح وتعاظم التأييد الجماهيري لنهجها المقاوم إلى تحقيق نصر سياسي تجلى في سيطرتها على دفة قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في4 شباط-فبراير 1969م لتحررها من قيود الاحتواء والهيمنة العربية. وباتت المنظمة تشكل بالقيادة الجديدة وطناً معنوياً واحداً حراً مستقلا ًللفلسطينيين جميعاًَ، وممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني، واتخذت 'فتح' دورها حاضنة للوحدة الوطنية الفلسطينية، وضامنة للسلم الأهلي، وصمام الأمان في وجه الفتنة والاقتتال.

على الرغم من النجاحات الكبرى التي حققتها حركة فتح منذ انطلاقتها، إلا أنها تعرضت لكثير من الانتكاسات. فبعد معركة الكرامة ومرحلة النهوض الثوري، كان الخروج المدوي من الساحة الأردنية إثر الأحداث الدامية من منتصف 1970م نتيجة للاختلاف الاستراتجي بين النظام السياسي والحركة الفدائية، وأهدافهما المتباينة والذي غذته عوامل إقليمية وعالمية مختلفة. ففقدت الحركة وباقي فصائل النضال الفلسطيني إحدى أهم ساحات العمل الوطني، التي كانت تشكل، لما تحتويه من سمات إستراتيجية وذخرا جماهيريا، رافعة قوية للعمل الكفاحي.

بتاريخ 14 آذار- مارس 1978م، شنّت إسرائيل هجوماً على الجنوب اللبناني، أطلقت عليه 'عملية الليطاني'، شارك فيها أكثر من 25 ألف جندي بهدف إبعاد المجموعات الفدائية الفلسطينيةً عن الحدود، واستمرّ الهجوم سبعة أيام احتلت إسرائيل خلالها أراض لبنانية بعمق 10كيلومترات، لتنسحب بعدها اثر تشكيل قوات الفصل الدولية اليونيفيل، وتسلم المنطقة لجيش لبنان الجنوبي. إلا أن هذا لم يمنع أبناء حركة فتح وغيرها من التنظيمات الفلسطينية من مواصلة عملياتها الفدائية ضد إسرائيل. ففي العام 1981م كانت الكاتيوشا الفتحاوية تدق المستوطنات الشمالية .

الهزة الأخرى التي تعرضت لها الثورة الفلسطينية تمثلت في الاختلاف الفلسطيني الذي أعقب تبني المنظمة في 8 حزيران-يونيو 1974م برنامج النقاط العشرة الداعي إلى الموافقة على إقامة السلطة الوطنية على أي شبر يتم تحريره او الجلاء عنه، أو ما أطلق عليه مرحلية النضال من منطلق النظرة الواقعية، وفهم طبيعة المرحلة، وتوازن القوى وتعبيراً عن القدرة على التواصل والتجدد. ونشوب الحرب الأهلية في لبنان واندفاع قوى المقاومة الفلسطينية، لأسباب عديدة ومتنوعة، إلى أتونها، الأمر الذي شتت وجهة الكفاح الفلسطيني وبث الاضطراب في بوصلته. ومع هذا فقد حققت قوات الثورة الفلسطينية خلال تواجدها على الساحة اللبنانية الكثير من النجاحات والانجازات الباهرة.

عسكريا؛ شنت قوات الثورة المرابطة في الجنوب اللبناني سلسلة من العمليات المميزة، كان أشهرها عملية سافوي عام 1976، ثم عملية دلال المغربي عام 1978، وغيرها الكثير من العمليات التي استهدفت المستوطنات الشمالية القريبة من الحدود اللبنانية والتي أوجعت اسرائيل وأقضت مضاجع مؤسستها العسكرية والأمنية.

وعلى الصعيد السياسي حققت الثورة، من خلال العمل الدؤوب جملة من النجاحات تمثلت في انتزاع اعتراف معظم دول العالم بشرعية النضال الفلسطيني، واحتل مندوبو م.ت.ف المراكز المرموقة في المؤسسات والمحافل الدولية الفاعلة. وتتوجت هذه النجاحات يوم 13/11/1974 بوصول الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة حاملا غصن الزيتون بيد وبندقية الثائر باليد الأخرى، ليلقي على مسامع زعماء العالم إحدى أهم الكلمات في تاريخ الدبلوماسية في العالم.

لم تنشغل حركة فتح أثناء ممارستها العمل العسكري والسياسي عن بناء المؤسسات المختلفة كالمنظمات الشعبية، والاتحادات النقابية، والأجهزة الإعلامية والثقافية والاقتصادية؛ لتكون روافد ودعائم أساسية للثورة الفلسطينية ونشاطاتها في شتى الميادين، ولتساهم في بلورة الهوية الوطنية للشعب الفلسطيني، لتشكل رافعة متينة للكيان الفلسطيني تمهيدا لقيام الدولة.

في عام 1982م خاضت الثورة الفلسطينية معركة أسطورية في مواجهة الجيش الإسرائيلي، فبتاريخ 6 حزيران- يونيو 1982م بدأ الجيش الإسرائيلي بقصف جوي ومدفعي لمدن الجنوب اللبناني، ثم تحرك براً وكان الهدف المعلن من قبل إسرائيل تدمير منظمة التحرير الفلسطينية. وبدأت المواجهة التي استبسل فيها أشبال ورجال الفتح، فكانت قلعة شقيف شاهداً، وكان الصمود الأسطوري في بيروت والذي استمرّ 88 يوماً من الحصار والقصف البري والجوي والبحري للمقاومة الفلسطينية التي فضّلت الموت على الاستسلام. لكن أمام الأوضاع الداخلية التي كان يعيشها الشعب اللبناني، ولوقف العمليات الإسرائيلية التي استهدفت المدنيين أيضاً، اضطرت منظمة التحرير للخروج من بيروت، فرحل ما يقارب 12 ألف مقاتل فلسطيني إلى بعض الدول العربية بتاريخ 30 آب-أغسطس 1982م، وبدورها انتقلت القيادة الفلسطينية إلى تونس.

تلقت حركة فتح خلال مسيرتها الكثير من الضربات، فقادتها كانوا هدفاً لعمليات الاغتيال، وعلى رأسهم أعضاء اللجنة المركزية، فكان الشهيد أحمد موسى، أبو على إياد، أبو يوسف النجار، وكمال ناصر، وكمال عدوان، وعبد الفتاح الحمود، وسعد صايل، وماجد أبو شرار، وهايل عبد الحميد، وممدوح صبري صيدم، وخليل الوزير (أبو جهاد)، وصلاح خلف، والرمز ياسر عرفات، قضوا جميعا على دروب الحرية والاستقلال.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

فلسطيني وأفتخر

فلسطيني وأفتخر