صامد للأنباء\في تلك اللحظة التاريخية، وإلى جانب النضال ضد سوء الإدارة، وفي السياق نفسه الذي خلقة الوعي بالذات الفلسطينية، بدأ في التكوين والتبلور خط المقاومة المسلحة للعدو الصهيوني وقد بدأناها بتدريب مجموعات من شباب فلسطين على السلاح، فتمكنا فعلا من تدريب مجموعات كبيرة، رغم أن المواجة العملية المسلحة في الأرض المحتلة والاستعارات الإسرائيلية هي التي كانت ساحة التدريب الرئيسية وهي المواجهة التي فولذت ارادة مقاتلينا وحسنت تدريبهم، وقد نفذنا العديد من العمليات فوق خطوط الهدنة في ذلك الوقت.
وفي النقب كنا نرسل المجموعات لزرع الألغام المضادة للدبابات او تقوم بنسف انابيب المياه في الإستعمارات… وقد إتسع هذا العمل المسلح شيئا فشيئا إلى الدرجة التي أصبحت فيها مجموعاتنا تصل إلى منطقة يازور قرب مدينة يافا.
((2))..
خلايا الخلاص والنضال المطلبي
خلايا الخلاص والنضال المطلبي
كان هناك طلائع من أبناء شعبنا في كل مكان يبحثون عن الخلاص الذاتي، وقد حاولنا أولا عبر الطرق الحزبية لكنا كنا نصطدم بالعقليات الحزبية المتحجرة وبالدوغما الفكرية التي كانت منتشرة في ذلك الوقت والتي تتسم بضيق افق ومحدودية التفكير.
وكان الشاغل الرئيسي لتلك القيادات الحزبية هو إبعادنا عن العمل المباشر، فتغرقنا في بحر الصراعات الجانبية لكن المعطيات التي سبق لنا شرحها كان قد صلبت إرادتنا فسرنا في إختيارنا الثوري، ففي غزة على سبيل المثال التي كانت موقع تجربتنا الأولى بدأت مجموعة طليعية بين عام 1953 و 1945 بالتجمع وتكون حلقات النقاش ومن ثم الإنتظام ضمن أطر وخلايا حددت معركتها الولى مع الإدارة التي كانت تقبض على القطاع فتعيث فيه فساد وقهراً وسرقة… فكنا نقوم بمواجهة هذا الطغيان أولا بجمع الحقائق ونشرها في الصحف العربية أو ايصالها إلى الإدارة في القاهرة كي نكشف لها فساد الجهاز الذي عينته في القطاع وللحقيقة أقول الآن بأنه حين كانت تصل هذه المعلومات إلى الرئيس/ جمال عبد الناصر فكان يصدر أوامره على الفور لمعالجة الأمر، وقد حدث فعلاً ان أصدر الرئيس عبد الناصر أمراً يقضي بنقل جميع الضباط بمن فيهم الحاكم العسكري العام، ذلك أن الفضائح كانت قد زكمت الأنوف.
كان هذا هو إطار الصراع الأول من أجل انتزاع تعبيراً أولياً لحرية أبناء فلسطين على أرضهم
((3))..
عودة الوعي الى الذات
عودة الوعي الى الذات
في العام 1954 كان العدوان الصيوني على قطاع غزة وجاء هذا العدوان ليحمل الدرس والعبرة لشعبنا في كل مكان. وكانت القوات الإسرائيلية قد تقدمت إلى القطاع بعد إنسحاب الجيش المصري منه، بحيث وجد شعبنا هناك نفسه وحيدا اعزلا ودون تنظيم ذاتي، مما فسح المجال واسعا أمام العدو لينكل بشعبنا أيما تنكيل فعمت المجازر كل القطاع وكل الشرائح الإجتماعية.
شكلت مثل هذه الواقعة مفصلا تاريخيا أعاد الوعي إلى الذات الفلسطينية التي أدركت بما يشبه الصدمة أنه لا غنى لها عن تنظيم نفسها وترتيب بيتها الفلسطيني من الداخل، وأنه بدون الإعتماد على الذات لا يمكن الوصول إلى أي هدف، وسيبقى الشتات شتاتاً فلا يبقى من الوطن غير الذاكرة والحنين التي لا بد أن تغيب وتمحي ذات يوم فيضيع الوطن وتضيع الذاكرة.
هب شعبنا في تلك اللحظة التاريخية يدافع عن نفسه في وجه عدو شرس. وعند إنسحاب العدو الصهيوني من القطاع فوجئ شعبنا هناك بالأمم المتحدة تتخذ قراراً يضع قطاع غزة تحت الوصاية الدولية، فانتفض رافضاَ القرار وذلك على الرغم من الاتفاق المصري مع الأمم المتحدة بهذا الشأن واندفعت الجماهير تحرق العلم الدولي وترفع بدلا منه علم مصر، وتطالب بعودة الإدارة المصرية إلى القطاع. وتنتصر هذه الإدارة الفلسطينية فتعود الإدارة المصرية
وقد شكل هذا بذاته درساً ثميناً لشعبنا في كل مكان.
يـــتــبــع....
0 التعليقات:
إرسال تعليق