صامد للأنباء\مع اقتراب ذكرى الانطلاقة نتذكر هنا الشهداء القادة
الشهيد القائد / هايل عبد الحميد " أبو الهول
هايل عبد الحميد - من مواليد مدينة صفد سنة 1937 - كان إحدى مؤسسي حركة
فتح بألمانيا والنمسا - شارك في تأسيس حركة فتح بالقاهرة سنة 1964 وكان أمين سر
التنظيم - كان معتمد إقليم في لبنان سنة 1972 - كان مسؤلا لجهاز الأمن والمعلومات
لحركة فتح - ثم عمل مفوضا لجهاز الأرض المحتلة حتى تاريخ إستشهاده
الشهيد القائد هايل عبد الحميد
أبو الهول
الشهيد البطل أبو الهول..
هو هايل عبد الحميد ، من مواليد صفد عام 35، وهاجر عام النكبة مع أهله إلى سوريا
وكان في سن العاشرة تقريبا ، الا أنه ومما يذكر عنه أنه أضاعه أهله في تلك الفترة ،
ليجدوه بعد البحث منتظرا في محطة السكة الحديد منتظرا العودة إلى فلسطين ، فانظر
إلى ذلك الحمل المبكر للهم الوطني والحب الكبير لذلك الصبي الصغير لوطنه !!
درس في ألمانيا وهناك تعرف على الأخوة هاني الحسن والفرنجي وآخرين وكانوا إحدى
النوى الشبابية وغيرها في دول عربية أخرى التي تجمعت في بوتقة واحدة هي فتحنا
الععظيمة ، فهو أحد المؤسسين القادة للعملاق الفتحاوي .
تدرب على السلاح وانخرط في جيش التحرير الفلسطيني وقد أصيب في إحدى معارك الحرب
العام 1967 في قدمه .
عين مندوبا لحركة فتح عقب استشهاد الكمالين والنجار عام 73 ثم تسلم مسئولية
الأمن الثوري في فتح، ولم تكن تلك المهمة سببا في الخلاف بين مهمات الأخ الشهيد أبو
اياد الذي كانت مسئوليته العامة على الأمن الموحد ، بل ان تنسيقهما ازداد ،،، وفي
هذه فائدة أخرى لتغليب المصلحة العامة على الذاتية ، بل وكانت حياتهما الصداقية
الأخوية المشتركة دليلا على عظمة قادة الفتح ، تلك الحميمية في العلاقة استمرت حتى
استشهادهما رحمهما الله مع الشهيد البطل وأحد قادة الأمن الفلسطيني الأخ أبو محمد
العمري في ليلة واحدة وفي بيته في تونس ، بعد أن كان قبلها في العراق الشقيق مرورا
بالأردن ،في إحدى المهمات .
وعظمة أخرى لهذا القائد تظهر في عطفه على رفاق الدرب الذين تخلوا عنا ، وأن
قادتنا وان دفعوا ثمن تلك الأنسانية العظيمة وحب أبناء فلسطين والرغبة في توفير
امكانيات العيش الكريم والتوبة ، فانها تظهر كم كان قائدا عظيما ، خانه من أحسن
اليه ممن باع نفسه ليصبح قاتلا مأجورا بل وعاملا للموساد . فالتحية لروحه الطاهرة
ولأرواح شهدائنا القادة وكل شهداء فلسطين ، والخزي والعار لمن باع نفسه
الشهيد القائد / فخري علي محمود العمري
المولد والنشأة
ولد أبو محمد في مدينة يافا عام 1936 يعود اصله إلى عائلة العمري المعروفة والتي تمتد في ربوع فلسطين والعالم العربي ويرجع في نسبه الي الحفيد السابع للخليفة العادل والصحابي الجليل عمر بين الخطاب ( علي بن عليل والموجود صريحه في قرية الحرم ( قرب يافا ) ،حسب وثيقة النسب العمرية المصدقة من دولة الخلافة العثمانية.ويقع ترتيبه الثالث بين الإخوة الذكور, حيث يكبره أخيه محمود، وربحي، ويليه كل من شوقي، وفوزي، وأحمد بالإضافة إلى أختين هما فتحية، وانشراح. عمل والده الحاج أبو محمود العمري في تجارة الحمضيات، حيث كان يسكن حي العجمي اليافاوى المعروف. ترعرع أبو محمد في أسرة مناضلة فوالده كثيرا ما كان يدعم ثورة ال36 وجماعة الشيخ حسن سلامة في منطقة يافا والقرى المحيطة بها، وكثيرا ما كان يشاهد اخواه الأكبر منه محمود، وربحي, هما عائدان إلى المنزل مصابان إثر المواجهات التي كانت تندلع بين العرب واليهود في يافا وتل أبيب وكثيرا ماشاهد بأم عينيه سلال الخضرة التي كان يحملها أخواه إلى المقاتلين محملة بالقنابل والأسلحة أعوام ال46 وال47، وعايش أبو محمد، وشاهد بأم عينيه كيف كانت قوات الاحتلال الإنجليزي تقتحم منزلهم لاعتقال أخويه وتخريب محتويات المنزل وبث الرعب في أهله وجيرانهم الأمر الذي ساهم بشكل كبير في بث وزرع روح الوطنية والانتماء فيه منذ نعومة أظافره
الهجرة واللجوء
بعد اندلاع حرب 1948 هاجرت أسرته عبر مرفأ يافا هربا من المجازر الصهيونية واستقر بالأسرة الحال في مدينة بورسعيد المصرية ووجد الشهيد أبو محمد نفسه في خيمة بالية هو وأسرته في أرض غريبة ينتظرون توزيع الطعام عليهم وهم الذين كانوا أعزاء في بلادهم! لهذا لم يدم بقائهم كثيرا في هذا المخيم فقد قرر الأب العودة إلى فلسطين مهما كلف الأمر فقد لمس الشهيد أبو محمد رفض الأسرة لهذا الوضع من خلال والدته التي كانت دائما ما توزع المواد الغذائية وخاصة (الحلاوة) على الجنود المصريين الذين يتولون حراسة المخيم، لقد بقيت هذه المشاهد والصور في ذاكرته إلى يوم استشهاده ولم يستطع أن ينسى محاولات والده وإخوته المستميتة من أجل العودة إلى التراب الفلسطيني حتى تمكنوا جميعا من العودة إلى قطاع غزة، واستقر بهم الحال جميعا في مخيم البريج للاجئين.
التكوين الفكرى والنضالى
بعد استقرار المقام في مخيم البريج..كان لابد من توفير مصدر رزق للأسرة التي فقدت كل ما تملك في يافا، لهذا عمل الأخوان محمود وربحي لتأمين إعاشة الأسرة وتم إلحاق كل من فخري وفوزي وشوقي وأحمد بالمدارس على أن يعمل كل منهم في أي عمل فترة الإجازة الصيفية، ولما كان فخري ذو موهبة كبيرة في الرسم والخط العربي فقد عمل فترات الإجازة في تخطيط اليافطات لواجهات المحلات ،وهو ماسا عد الأسرة شيئا ما بالإضافة لعمل إخوته الأمر الذي مكن الأسرة من الانتقال إلى مدينة غزة والسكن في منطقة الصبرة بالقرب من شارع عمر المختار في منزل مستأجر لعائلة الحسيني. في هذه الفترة تشكل الوعي السياسي والنضالي فخري حيث تعرف على صلاح خلف ،حيث كان يكبره بثلاثة أعوام، وأصبح من أقرب اصدقائه تلك الصداقة التي دامت عشرات السنين ولمفارقات القدر فقد أبى الصديقين أن يفارق أحدهما الآخر حتى موعدهما مع الموت !!فقد أثر صلاح خلف في فخري العمري تأثيرا كبيرا فقد أسهم أبو إياد إسهاما كبيرا في نشر الفكر الوطني تمهيدا لتأسيس حركة فتح، كما عمل على استقطاب الشباب الوطني ليكون نواة التأسيس لحركة وطنية فلسطينية خالصة هي حركة فتح. في هذه الفترة تبلور الفكر الثوري لدى فخرىالعمرى الذي كان مولعا أيضا بالرياضة والفتوة الأمر الذي مكنه من تنظيم العديد من الشباب الوطني الباحث عن الحرية، من خلال النوادي الرياضية الذين سيصبحون بعد ذلك نواة الخلايا العسكرية التابعة لفتح في الأراضي المحتلة
المشاركة في تأسيس حركة فتح
في عام 1959 انطلق إلى العربية السعودية للإقامة والعمل، ولم ينقطع اتصاله بالشهيد صلاح خلف الذي انتقل هو الآخر للعمل بالكويت، وحينما تبلورت فكرة فتح تم تكليف الشهيد أبو محمد بالبدء في تأطير وتنظيم الشباب الفلسطيني لصالح التنظيم الجديد في السعودية، والكويت بعد ذلك إلى أن ترك عمله وتفرغ للعمل والتحضير للانطلاقة الثانية للحركة عام 1967، حيث تم إيفاده للمشاركة في أول دورة أمنية أوفدتها حركة فتح منتصف العام 68 ضمت عشرة من الرعيل الأول المؤسس للمؤسسة العسكرية والأمنية الفلسطينية التي ستبهر العالم فيما بعد وستضع القضية الفلسطينية، وتحولها من قضية اللاجئين إلى قضية شعب وهوية، وقد شارك في هذه الدورة فخري العمري، علي حسن سلامة، محمد داود عودة، مجيد الاغا، غازي الحسيني، مهدي بسيسو، نزار عمار، وشوقي المباشر، ومريد الدجانى، حيث تم توزيع عمل هؤلاء القادة الأمنيين فيما بعد تحت مسؤولية كل من الشهيد أبو عمار والشهيد أبو جهاد، والشهيد أبو إياد، ومن المعروف أن هذه الدورة تمت في معهد البحوث الإستراتيجية التابع للمخابرات العامة المصرية والمتخصص في تخريج قادة العمل الامنى والعسكري. بعد الانتهاء من الدورة، والعودة إلى الأردن كان أن بدأ التحضير لتأسيس جهاز الرصد التابع للثورة الفلسطينية تحت قيادة الشهيد صلاح خلف فتم تكليف الشهيد فخري العمري يعاونه أبو داوود بمكافحة التجسس داخل حركة فتح، حيث كلف الشهيد فخري العمري أبو داوود بالاهتمام بملف كشف العملاء داخل فتح وموافاته بأدق التفاصيل ومن ثم إطلاع الأخ صلاح خلف، بينما تفرغ هو لتأسيس وإنشاء الجهاز العسكري الضارب للثورة الفلسطينية وما يتبع ذلك من التدقيق في الاختيار والانتساب والجاهزية والتدريب للعمليات التي سيتم التحضير لها فيما بعد للضرب بيد من حديد على أعداء الثورة الفلسطينية.
ابرز العمليات التي شارك بتخطيطها وقيادتها فخري العمري
5/9/1972 - عملية ميونخ
تعتبر عملية ميونخ من أهم وأكبر العمليات التي قامت منظمة أيلول الأسود بتنفيذها ضد الدولة العبرية، بل هي الأهم من بين عمليات الثورة الفلسطينية على الإطلاق..، وبالرغم من الإدعاءات التي حاول البعض ترويجها ونسب إنجازات تلك العملية لنفسه !! إلا أن التاريخ يشهد للشهيد أبو محمد العمري أنه صاحب فكرة العملية والمخطط الأول لها والمدرب الأوحد للشباب المنفذين لهذه العملية البطولية الكبيرة ،والمسئول المباشر لهم. وتبدأ فصول هذه العملية الجريئة حينما رفضت اللجنة الأوليمبية قبول طلب فلسطين بالانضمام والمشاركة في بطولة الألعاب الأوليمبية في ألمانيا، ولما كان الشهيد أبو محمد العمري رياضياً قديماً ومهتماً بشؤون الرياضة فقد ساءه كثيراً ألا يرى علم بلاده يرفرف بين الأمم المشاركة بينما تشارك إسرائيل، ويحرم أصحاب البلاد الأصليين من المشاركة !!لذلك أقترح الشهيد أبو محمد العمري على الشهيد القائد صلاح خلف استغلال هذا الحدث الرياضي الكبير والقيام بعملية كبيرة داخل القرية الأوليمبية يكون الهدف الأساسي لها لفت الانتباه لقضية الشعب الفلسطيني العادلة، من خلال احتجاز أفراد البعثة الرياضية الإسرائيلية، والمطالبة بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال الإسرائيلي !! في البداية لم يستحسن الشهيد أبو إياد الفكرة وقال له مازحا أنت مجنون !! فقال له أبو محمد ألم يكن تأسيس الثورة الفلسطينية جنونا !!في ظل ظروف لم تكن لصالحنا ومع ذلك نجحنا !!فطلب منه الشهيد أبو إياد أعداد تصور عام عن العملية، والإمكانيات المتاحة لذلك. بدأ أبو محمد بوضع تصور بالغ الدقة والتنظيم حول العملية قبل بدء دورة الألعاب بعدة أشهر حيث قام بجمع المعلومات الأزمة حول البعثة الإسرائيلية ،وكانت متوفرة في الصحافة الإسرائيلية، والعالمية حيث أعلن عن خمسة عشر رياضيا إسرائيليا سوف يشاركون في الألعاب بالإضافة إلى الطاقم الفنية لذلك قدر أبو محمد العمري أعضاء البعثة بحوالي 35 شخصا، وبالتالي كان تقديره أن يتم تجهيز 12 مقاتلا" متمرسا على درجة عالية من التدريب بغرض تنفيذ هذه العملية، أما الأسلحة فستكون عبارة عن رشاشات أوتوماتيكية من نوع AK47 مع أعداد وافرة من المخازن الإضافية والقنابل اليدوية وأسلحة بيضاء وأشرطة لاصقة للتعامل مع الأسرى اليهود بعد احتجازهم ،أما بخصوص جمع المعلومات عن القرية الأوليمبية فكان لابد من الاستعانة بأشخاص من جنسيات مختلفة وعلى الأخص الإيطاليين ،والفرنسيين ،والجماعات الأجنبية الأخرى المتعاونة أو المناصرة للثورة الفلسطينية لأن هؤلاء بطبيعة الحال لا يثيرون الشكوك أثناء تنقلاتهم في القرية الأوليمبية بسبب ملامحهم الأوروبية. وبعد عرض التصور العام عن العملية على القائد أبو إياد وافق على الفور وأبلغه بالاستعداد لمرافقته إلى إيطاليا، وبلغاريا لترتيب هذه العملية وبعض الأمور الأخرى الخاصة بالتحرك السياسي لفتح على الساحات الأوربية. بتاريخ 15/تموز/72 حملتهما الطائرة إلى روما وهناك تم الاتصال بفرق جمع المعلومات الأوروبية العاملة مع أيلول وتجميعهم في روما لتكليفهم بعملية جمع المعلومات غن القرية الأوليمبية في ميونخ، وهناك أقترح أبو محمد على أبو إياد استدعاء صديقهما القديم (أبو داوود)،وأحد أعضاء أيلول من بلغاريا وتكليفه هو الآخر بجمع المعلومات عن القرية الأوليمبية خاصة وانه موجود في بلغاريا بلا أي مهمة فلا بأس من أن تتقاطع معلوماته مع معلومات المصادر الأخرى..فوافق أبو إياد وتم استدعاء أبو داوود (محمد داود عودة) إلى روما وفى اللقاء الذي تم بين الثلاثة أجل أبو أياد إطلاع أبو داوود على مهمته في ميونخ وأقتصر الأمر بأن أعطاه فخري العمري التعليمات بخصوص صفقة الأسلحة المنوي شرائها من البلغار وخاصة الرشاشات المزودة بكاتم صوت وقائمة أخرى من الأسلحة يعود بها أبو داوود إلى بلغاريا لتسليمها إلى المسئولين البلغار على أن ينتظرهما هناك. بعد ذلك قام الشهيدان أبو إياد وأبو محمد بزيارة وائل زعيتر -(استشهد فيما بعد على يد الموساد الإسرائيلي انتقاما" لعملية ميونخ) وتم اللقاء بين المجموعات الأوروبية لجمع المعلومات في منزله وتم تكليف كل منهم بمهامه. بتاريخ 25/تموز/72 وصل أبو إياد وفخري العمري إلى صوفيا واصطحبا أبو داوود لمقابلة المسئولين البلغار وأتموا صفقة الأسلحة وعادوا إلى الفندق وهناك أطلعا أبو داوود على مهمته التي تقتصر على جمع مايمكن من معلومات عن الإجراءات الأمنية في القرية الأوليمبية وأماكن تواجد البعثة الإسرائيلية ومداخل ومخارج القرية ونقاط المراقبة الأمنية ونقاط الضعف.......الخ على أن يعود فخري العمري لملاقاته بعد نحو أسبوعين في ميونخ.
بتاريخ 7/8/72 وصل فخري العمري إلى ميونخ مصطحبا" معه (يوسف نزال – شي جيفارا)، وهو من تلاميذ الشهيد القائد أبو علي إياد، وشارك معه في معارك جرش، وعجلون في الأردن ثم انتقل إلي قاعدة عسكرية قرب النبطية في لبنان، والتحق للعمل مع أبو إياد في شباط 72، ثم تم فرزه للعمل مع أبو محمد العمري فقد كان مقاتلا متمرسا وعلي دراية كبيرة بفنون الحرب والقتال المختلفة لهذا تم ترشيحه لقيادة مجموعة الفدائيين التي ستهاجم ميونخ وتحتجز الفريق الأولمبي الإسرائيلي، فقد ارتأى أبو محمد إنه لابد من اصطحاب (شي) معه ليعاين بنفسه مكان العملية والتشاور في كيفية الدخول إلي هناك وتنفيذ المهمة. استقبلهما أبو داوود، وبعد الراحة والتعارف انتقل ثلاثتهم لمعاينة القرية بعد أن استمع أبو محمد لتقرير أبو داوود فوجدها غير كافية خاصة وأن الفريق الأوروبي أورد معلومات مهمة لابد من التأكد منها ومقاطعتها مع معلوماتنا الخاصة..
عند المعاينة اكتشفوا أن السور الحديدي عاليا بدرجة قد لا تسمح بتسلقه دون أحداث صوتا قد يلفت الأنظار إليهم !! كما أن عدد الفدائيين كبيرا، فكيف سيدخلون بأسلحتهم وعددهم هذا دون لفت النظر إليهم ؟!! عادوا جميعا بعد ذلك إلي الفندق لمتابعة دراسة العملية علي أن يعودوا ليلا علهم يجدون مخرجا !! توجهوا مساءا لمعاينة القرية من الخارج واللف حول السياج الحديدي في محاولة منهم لإيجاد نقطة ضعف في السياج ،ولكن بلا جدوى !! إلي أن وجدوا الحل في أحد الفرق الرياضية (الغير منضبطة) تتسلق السياج الحديدي بملابسهم الرياضية ويحمل بعضهم البعض علي مرآى من الحراس الألمان !! بل الأكثر من ذلك إنهم كانوا يرجونهم على استحياء بضرورة التقيد بمواعيد القرية وعدم التأخر مرة أخرى !!
لم يكن صعباً على الثلاثة استيحاء فكرة الدخول إلى القرية من هؤلاء الرياضيين المنفلتين !، وسيستلزم ذلك فقط شراء ملابس رياضية وشنت رياضية كبيرة لوضع الأسلحة فيها بدلاً من المعدات الرياضية ! أمضى ثلاثتهم بعد ذلك الأيام التالية في تحديد الفنادق التي سينزل الفدائيين فيها (بمجموعات مكونة من فردين)، وكذلك المطاعم والمقاهي التي سينتظرون فيها في الساعات التي ستسبق العملية. بتاريخ 12/8/72 غادر أبو محمد العمري ،ورفيقه (شي) إلي ليبيا لموافاة بقية الفدائيين في معسكر التدريب هناك، والذين تم اختيارهم بعناية شديدة من معسكرات فتح في طرابلس (شمال لبنان). أما أبو داوود فقد غادر إلى لبنان لأن أبا إياد كان بحاجة إلى جواز سفره الأردني من أجل (تزوير التأشيرة الألمانية) لمجموعة منظمة أيلول الأسود الفدائية، وقد قام بذلك (أبو الوليد العراقي) الذي مكن كافة مناضلي فتح والثورة الفلسطينية من الدخول إلي دول العالم بجوازات وتأشيرات علي درجة عالية من الدقة والحرفية في التزوير.. بتاريخ 17/8/72 عاد أبو داوود إلى ميونخ في انتظار الفدائيين القادمين من ليبيا والأسلحة التي سيتولى أبو إياد بنفسه إدخالها إلى ألمانيا.
بتاريخ 24/8/72 وصل أبو إياد إلي مطار فرانكفورت برفقة ثري فلسطيني ورجل أعمال معروف بدعمه للثورة الفلسطينية هو (علي أبو لبن) وكذلك امرأة اسمها (جولييت) لعبت دور زوجة أبو إياد بينما كان أبو داوود في الخارج يراقبهم من بعيد واستمر في مراقبتهم بعد الخروج من المطار، ووصولهم إلي الفندق للتأكد أنهم ليسو مراقبين، وقد شاهد بعينيه أبو إياد يفتح الحقائب بعد أن أصر رجال الجمارك علي ذلك، وكيف أنه نثر أمامهم ملابس داخلية نسائية أدت إلي أن أخجلهم جميعا ثم جاملهم، وانصرف بثقة، وهدوء إلي خارج المطار باتجاه الفندق، بينما لحق بهم أبو داوود بعد نحو ساعة بعد أن تأكد من عدم وجود مراقبة.
في الفندق استلم أبو داوود الأسلحة وهي عبارة عن (ستة كلا شينات + اثنين رشاش كارلوستاف وعدد كافي من المخازن) أما بخصوص القنابل اليدوية فإن(علي أبو لبن) سوف يحضرهما في الرحلة التالية بعد يومين، وبناءا علي ذلك فهم أبو داوود أن عدد الفدائيين هو (ثمانية) وليس (عشرة)كما اتفق مع أبو محمد !! ولما استفسر عن السبب أخبره أبو إياد أن هناك مشكلة حدثت أثناء التدريب في ليبيا حيث أصيب اثنان من المغاوير بكسور لن تمكنهما من المشاركة في العملية بسبب البرنامج القاسي الذي وضعه أبو محمد في التدريب، كما أنه ليس هناك وقت لتجهيز غيرهما، وطلب منه أبو إياد الإسراع في نقل الأسلحة من فرنكفورت إلي ميونخ مع علي أبو لبن ووضعها في محطة القطارات المركزية في خزائن الأمانات... في انتظار وصول القنابل بعد يومين، وبالفعل تم ذلك حيث طار بعدها (أبو لبن) وعاد بتاريخ 26/8 / 72 (يوم افتتاح دورة ميونخ للألعاب الأولمبية) محملا بالقنابل ،وتم تخزينها في نفس المكان السابق الإشارة إليه.
وصول الفدائيين[عدل]
بتاريخ 28/8/72 وصل (شي) المسئول العسكري ومعه محمد مصالحة المسئول السياسي للعملية من حيث عرض المطالب علي الألمان والتفاوض معهم وهو شخص مثقف جدا وتم اختياره بعناية وهو ينتمي إلى مدينة حيفا ويحمل شهادة عالية في الجيولوجيا بالإضافة إلي إجادته للغة الألمانية وكان وضعه يؤهله لقيادة الجانب السياسي من العملية شأنه في ذلك شأن رفيقه (شي)، حيث استقبلهم أبو داوود واستطاعوا جميعا القيام بمعاينة أخيرة خاصة وأن الفريق الأوربي استطاع تحديد مكان البعثة الإسرائيلية في المبني (31) وهو مؤلف من طابقين يحتويان علي (6) شقق يبيت في كل شقة اثنان من الرياضيين الإسرائيليين ،وهي المعلومات التي زودهما بها أبو محمد العمري قبل مغادرتهما إلي ميونخ، وبالتقاطع مع المعلومات الأخرى التي حصل عليها أبو داوود بمساعدة امرأة فلسطينية تدعي (سهام) لم يتبقي إلا وصول بقية الفدائيين الستة من ليبيا ،وفي مساء الخميس 31/8/72 اتصل أبو داوود مع الشهيد عاطف بسيسو في بيروت حسب تعليمات أبو إياد وطلب منه أن يبلغ أبو محمد العمري بأن كل شيء أصبح جاهزا ,وإنهم في انتظارهم.
بتاريخ 3/9/72 وصل أبو محمد العمري والشباب الآخرين إلي ميونخ كل منهم في رحلة مختلفة، وتم إنزال كل ثلاثة منهم في فندق مختلف أما أبو محمد فقد نزل في نفس فندق أبوداوود (أدن وولف)، وفي صباح 4/9 تم الاتصال بمصالحة وشي لموافاتهما بالفندق، ومن ثم إحضار الأسلحة من المحطة المركزية إلي الفندق وقاموا بتجهيز الأسلحة في الحقائب بالإضافة إلي بعض المعلبات الغذائية.
قام أبو محمد بإعادة التفاصيل مرة أخرى والتقيد بمهام كل منهما في الجانب السياسي والعسكري وعدم تدخل أي منهما في صلاحيات الآخر كما شدد علي تعليمات أبو إياد بالتمسك بالمطالب الواردة في البيان الذي سوف يعلن بتوقيع (منظمة أيلول الأسود الدولية)، وفي حالة أي طارئ أو عرض غير وارد في المخطط من جانب الألمان قام أبو محمد بإعطاء (مصالحة) رقم هاتف عليه أن يتصل به في حالة الضرورة القصوى، وعليه أن يقول (أنا من مينشن، وبدي طلال !!)، وقام بتسليمهما الحقائب الخاصة بالفدائيين الآخرين كل في فندقه علي أن يعودوا جميعا في التاسعة مساء في المطعم الخاص يبقي مفتوحا حتى الصباح) بمحطة القطارات المركزية، بعد أن يدفعوا لإيجار الغرف ،ومحو أي أثر يدل عليهم !!، وفي الموعد المحدد حضر الفدائيين جميعا وهناك أطلع أبو محمد العمري الفدائيين الستة بالعملية وأكد عليهم الالتزام بتعليمات (شي)، كما أكد علي مصالحة تعليمات أبو إياد بخصوص المطالب الفلسطينية بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، كذلك الظهور بأننا لسنا مجرمين، وإنما طلاب حرية، عدم إراقة الدماء إلا في حالة الدفاع عن النفس، وكذلك المعاملة الطيبة للأسري طالما التزموا الهدوء.. وقام بتوديعهم جميعا للالتحاق بطائرته إلي تونس حيث يبقي هناك لاستقبال أي طارئ من مصالحة وتحديدا إلي منزل صديقه السفير الأردني السابق (فرحان الشبيلات) وهو ما لم يكن يعرفه مصالحة ولا أبو داوود، حيث أن هذا الرجل كان له ابن يدعي (طلال) ،وكان يقيم في تونس بعد إقالته بسبب تعاطفه مع الثورة الفلسطينية، ولم يكن يعلم شيئا عن تدبير صديقه أبو محمد العمري لعملية ميونخ ،ولاعن انتحاله لاسم إبنه (كاسم حركي له) أما الشباب فقد تركهم في عهدة أبو داوود لإيصالهم إلى القرية، ومن ثم مغادرة الأراضي الألمانية فوراً.
في تمام الساعة الثانية والنصف غادر الجميع المطعم بعد أن قام أبو داوود بجمع جوازات السفر من الفدائيين، وأي شيء يدل علي الجهة التي أتوا منها ثم صعدوا التاكسيات باتجاه النقطة المحددة عند السياج الحديدي والذي يبعد خمسون مترا فقط عن مقر البعثة الإسرائيلية بعد تجاوزه !وتم إدخال الفريق كما هو متفق بمعاونة فريق أمريكي كان عائداً هو الآخر متأخراً، وقاموا بنقل الحقائب المليئة بالأسلحة دون علم منهم أنهم يساعدون الفدائيين في إيصال مشروعهم إلى غايته !!
فاجأ الفدائيون البعثة أثناء نومهم وحاول أحد المصارعين اليهود عرقلة الفدائيين وتخليص سلاح أحدهم, وهو موشيه واينبرغ فما كان من المقاتلين إلا أن أردوه قتيلا دفاعا عن النفس كما في التعليمات فلم يكن في مخططهم أبدا قتل أحد، وإنما إخراج زملائهم الأسرى من السجون الإسرائيلية حسب البيان الذي سلموه للسلطات الألمانية، وعند الظهر تقريبا قام مدير مكتب الجامعة العربية محمد الخطيب بنقل عرض ألماني إلي الفدائيين ينص علي مبادلة الرهائن الإسرائيليين بمتطوعين ألمان يقتادهم الفدائيين إلي دولة عربية، وبعد شهرين أو ثلاثة أشهر تقوم إسرائيل بإطلاق سراح خمسين أسيرا سرا بعد أن تتولي عدة دول عظمى ضمان احترام الدولة الإسرائيلية لتعهداتها ،وقرر مصالحة وهو المناضل المنضبط مشاورة أبو محمد العمري (طلال) على رقم الهاتف في تونس، ولسوء حظ الجميع لم يصل أبو محمد في موعده فقد احتجزته السلطات التونسية بدعوي عدم حصوله علي تأشيرة مسبقة، وهو ما لم يكن معمولا به في دخول قيادة فتح إلي تونس والي أن انتهت المشكلة ووصول أبو محمد إلي منزل صديقه (شبيلات) متأخرا جدا كان مصالحة قد استنفذ محاولاته في الاتصال به خاصة بعد الالتباس الذي وقع بين مصالحة وابن السفير الأردني (طلال) الذي يجهل تماما كامل الشيفرة المتفق عليها كوسيلة تشاور !! لم يكن أمام مصالحة إلا رفض العرض حيث توجه مصالحة عند الرابعة والنصف إلي مفاوضيه الألمان (وزير داخلية بفاريا - برونو مارك، وشيربن غينشر- مسئول أمني) طالباً ثلاث مروحيات لتلهم إلي مطار (فورشتنفيلد بروك - العسكري) والمغادرة علي متن طائرة إلي القاهرة.
وافق الألمان علي العرض بعد مشاورة تسفي زمير رئيس الموساد، بشأن الخطة التي وضعوها للقضاء على الفدائيين وتحرير الرهائن في المطار!، وعند وصول الفدائيين للمطار أطلق قناصة ألمان النار علي شي ومصالحة أثناء عودتهما من فحص الطائرة التي ستقلهما إلي القاهرة حيث استشهدا علي الفور بينما بادر الفدائيين الآخرين (الستة) حيث تواجد كل اثنين في مروحية مع ثلاث رهائن وانتهت المعركة باستشهاد ثلاثة فدائيين، ونجاة ثلاثة آخرين، وقتل جميع الرهائن علي الفور !!
يبقي القول أن النهاية المأساوية لهذه العملية لم تمنع من بلوغ الأهداف الموضوعة لها، فقد اطلع الرأي العام العالمي علي المأساة الفلسطينية بفضل الزخم الإعلامي للألعاب الأوليمبية كما فرض الشعب الفلسطيني حضوره على هذا التجمع الدولي الذي كان يسعى لاستبعاده.
الشهيد القائد / هايل عبد الحميد " أبو الهول
هايل عبد الحميد - من مواليد مدينة صفد سنة 1937 - كان إحدى مؤسسي حركة
فتح بألمانيا والنمسا - شارك في تأسيس حركة فتح بالقاهرة سنة 1964 وكان أمين سر
التنظيم - كان معتمد إقليم في لبنان سنة 1972 - كان مسؤلا لجهاز الأمن والمعلومات
لحركة فتح - ثم عمل مفوضا لجهاز الأرض المحتلة حتى تاريخ إستشهاده
الشهيد القائد هايل عبد الحميد
أبو الهول
الشهيد البطل أبو الهول..
هو هايل عبد الحميد ، من مواليد صفد عام 35، وهاجر عام النكبة مع أهله إلى سوريا
وكان في سن العاشرة تقريبا ، الا أنه ومما يذكر عنه أنه أضاعه أهله في تلك الفترة ،
ليجدوه بعد البحث منتظرا في محطة السكة الحديد منتظرا العودة إلى فلسطين ، فانظر
إلى ذلك الحمل المبكر للهم الوطني والحب الكبير لذلك الصبي الصغير لوطنه !!
درس في ألمانيا وهناك تعرف على الأخوة هاني الحسن والفرنجي وآخرين وكانوا إحدى
النوى الشبابية وغيرها في دول عربية أخرى التي تجمعت في بوتقة واحدة هي فتحنا
الععظيمة ، فهو أحد المؤسسين القادة للعملاق الفتحاوي .
تدرب على السلاح وانخرط في جيش التحرير الفلسطيني وقد أصيب في إحدى معارك الحرب
العام 1967 في قدمه .
عين مندوبا لحركة فتح عقب استشهاد الكمالين والنجار عام 73 ثم تسلم مسئولية
الأمن الثوري في فتح، ولم تكن تلك المهمة سببا في الخلاف بين مهمات الأخ الشهيد أبو
اياد الذي كانت مسئوليته العامة على الأمن الموحد ، بل ان تنسيقهما ازداد ،،، وفي
هذه فائدة أخرى لتغليب المصلحة العامة على الذاتية ، بل وكانت حياتهما الصداقية
الأخوية المشتركة دليلا على عظمة قادة الفتح ، تلك الحميمية في العلاقة استمرت حتى
استشهادهما رحمهما الله مع الشهيد البطل وأحد قادة الأمن الفلسطيني الأخ أبو محمد
العمري في ليلة واحدة وفي بيته في تونس ، بعد أن كان قبلها في العراق الشقيق مرورا
بالأردن ،في إحدى المهمات .
وعظمة أخرى لهذا القائد تظهر في عطفه على رفاق الدرب الذين تخلوا عنا ، وأن
قادتنا وان دفعوا ثمن تلك الأنسانية العظيمة وحب أبناء فلسطين والرغبة في توفير
امكانيات العيش الكريم والتوبة ، فانها تظهر كم كان قائدا عظيما ، خانه من أحسن
اليه ممن باع نفسه ليصبح قاتلا مأجورا بل وعاملا للموساد . فالتحية لروحه الطاهرة
ولأرواح شهدائنا القادة وكل شهداء فلسطين ، والخزي والعار لمن باع نفسه
الشهيد القائد / فخري علي محمود العمري
المولد والنشأة
ولد أبو محمد في مدينة يافا عام 1936 يعود اصله إلى عائلة العمري المعروفة والتي تمتد في ربوع فلسطين والعالم العربي ويرجع في نسبه الي الحفيد السابع للخليفة العادل والصحابي الجليل عمر بين الخطاب ( علي بن عليل والموجود صريحه في قرية الحرم ( قرب يافا ) ،حسب وثيقة النسب العمرية المصدقة من دولة الخلافة العثمانية.ويقع ترتيبه الثالث بين الإخوة الذكور, حيث يكبره أخيه محمود، وربحي، ويليه كل من شوقي، وفوزي، وأحمد بالإضافة إلى أختين هما فتحية، وانشراح. عمل والده الحاج أبو محمود العمري في تجارة الحمضيات، حيث كان يسكن حي العجمي اليافاوى المعروف. ترعرع أبو محمد في أسرة مناضلة فوالده كثيرا ما كان يدعم ثورة ال36 وجماعة الشيخ حسن سلامة في منطقة يافا والقرى المحيطة بها، وكثيرا ما كان يشاهد اخواه الأكبر منه محمود، وربحي, هما عائدان إلى المنزل مصابان إثر المواجهات التي كانت تندلع بين العرب واليهود في يافا وتل أبيب وكثيرا ماشاهد بأم عينيه سلال الخضرة التي كان يحملها أخواه إلى المقاتلين محملة بالقنابل والأسلحة أعوام ال46 وال47، وعايش أبو محمد، وشاهد بأم عينيه كيف كانت قوات الاحتلال الإنجليزي تقتحم منزلهم لاعتقال أخويه وتخريب محتويات المنزل وبث الرعب في أهله وجيرانهم الأمر الذي ساهم بشكل كبير في بث وزرع روح الوطنية والانتماء فيه منذ نعومة أظافره
الهجرة واللجوء
بعد اندلاع حرب 1948 هاجرت أسرته عبر مرفأ يافا هربا من المجازر الصهيونية واستقر بالأسرة الحال في مدينة بورسعيد المصرية ووجد الشهيد أبو محمد نفسه في خيمة بالية هو وأسرته في أرض غريبة ينتظرون توزيع الطعام عليهم وهم الذين كانوا أعزاء في بلادهم! لهذا لم يدم بقائهم كثيرا في هذا المخيم فقد قرر الأب العودة إلى فلسطين مهما كلف الأمر فقد لمس الشهيد أبو محمد رفض الأسرة لهذا الوضع من خلال والدته التي كانت دائما ما توزع المواد الغذائية وخاصة (الحلاوة) على الجنود المصريين الذين يتولون حراسة المخيم، لقد بقيت هذه المشاهد والصور في ذاكرته إلى يوم استشهاده ولم يستطع أن ينسى محاولات والده وإخوته المستميتة من أجل العودة إلى التراب الفلسطيني حتى تمكنوا جميعا من العودة إلى قطاع غزة، واستقر بهم الحال جميعا في مخيم البريج للاجئين.
التكوين الفكرى والنضالى
بعد استقرار المقام في مخيم البريج..كان لابد من توفير مصدر رزق للأسرة التي فقدت كل ما تملك في يافا، لهذا عمل الأخوان محمود وربحي لتأمين إعاشة الأسرة وتم إلحاق كل من فخري وفوزي وشوقي وأحمد بالمدارس على أن يعمل كل منهم في أي عمل فترة الإجازة الصيفية، ولما كان فخري ذو موهبة كبيرة في الرسم والخط العربي فقد عمل فترات الإجازة في تخطيط اليافطات لواجهات المحلات ،وهو ماسا عد الأسرة شيئا ما بالإضافة لعمل إخوته الأمر الذي مكن الأسرة من الانتقال إلى مدينة غزة والسكن في منطقة الصبرة بالقرب من شارع عمر المختار في منزل مستأجر لعائلة الحسيني. في هذه الفترة تشكل الوعي السياسي والنضالي فخري حيث تعرف على صلاح خلف ،حيث كان يكبره بثلاثة أعوام، وأصبح من أقرب اصدقائه تلك الصداقة التي دامت عشرات السنين ولمفارقات القدر فقد أبى الصديقين أن يفارق أحدهما الآخر حتى موعدهما مع الموت !!فقد أثر صلاح خلف في فخري العمري تأثيرا كبيرا فقد أسهم أبو إياد إسهاما كبيرا في نشر الفكر الوطني تمهيدا لتأسيس حركة فتح، كما عمل على استقطاب الشباب الوطني ليكون نواة التأسيس لحركة وطنية فلسطينية خالصة هي حركة فتح. في هذه الفترة تبلور الفكر الثوري لدى فخرىالعمرى الذي كان مولعا أيضا بالرياضة والفتوة الأمر الذي مكنه من تنظيم العديد من الشباب الوطني الباحث عن الحرية، من خلال النوادي الرياضية الذين سيصبحون بعد ذلك نواة الخلايا العسكرية التابعة لفتح في الأراضي المحتلة
المشاركة في تأسيس حركة فتح
في عام 1959 انطلق إلى العربية السعودية للإقامة والعمل، ولم ينقطع اتصاله بالشهيد صلاح خلف الذي انتقل هو الآخر للعمل بالكويت، وحينما تبلورت فكرة فتح تم تكليف الشهيد أبو محمد بالبدء في تأطير وتنظيم الشباب الفلسطيني لصالح التنظيم الجديد في السعودية، والكويت بعد ذلك إلى أن ترك عمله وتفرغ للعمل والتحضير للانطلاقة الثانية للحركة عام 1967، حيث تم إيفاده للمشاركة في أول دورة أمنية أوفدتها حركة فتح منتصف العام 68 ضمت عشرة من الرعيل الأول المؤسس للمؤسسة العسكرية والأمنية الفلسطينية التي ستبهر العالم فيما بعد وستضع القضية الفلسطينية، وتحولها من قضية اللاجئين إلى قضية شعب وهوية، وقد شارك في هذه الدورة فخري العمري، علي حسن سلامة، محمد داود عودة، مجيد الاغا، غازي الحسيني، مهدي بسيسو، نزار عمار، وشوقي المباشر، ومريد الدجانى، حيث تم توزيع عمل هؤلاء القادة الأمنيين فيما بعد تحت مسؤولية كل من الشهيد أبو عمار والشهيد أبو جهاد، والشهيد أبو إياد، ومن المعروف أن هذه الدورة تمت في معهد البحوث الإستراتيجية التابع للمخابرات العامة المصرية والمتخصص في تخريج قادة العمل الامنى والعسكري. بعد الانتهاء من الدورة، والعودة إلى الأردن كان أن بدأ التحضير لتأسيس جهاز الرصد التابع للثورة الفلسطينية تحت قيادة الشهيد صلاح خلف فتم تكليف الشهيد فخري العمري يعاونه أبو داوود بمكافحة التجسس داخل حركة فتح، حيث كلف الشهيد فخري العمري أبو داوود بالاهتمام بملف كشف العملاء داخل فتح وموافاته بأدق التفاصيل ومن ثم إطلاع الأخ صلاح خلف، بينما تفرغ هو لتأسيس وإنشاء الجهاز العسكري الضارب للثورة الفلسطينية وما يتبع ذلك من التدقيق في الاختيار والانتساب والجاهزية والتدريب للعمليات التي سيتم التحضير لها فيما بعد للضرب بيد من حديد على أعداء الثورة الفلسطينية.
ابرز العمليات التي شارك بتخطيطها وقيادتها فخري العمري
5/9/1972 - عملية ميونخ
تعتبر عملية ميونخ من أهم وأكبر العمليات التي قامت منظمة أيلول الأسود بتنفيذها ضد الدولة العبرية، بل هي الأهم من بين عمليات الثورة الفلسطينية على الإطلاق..، وبالرغم من الإدعاءات التي حاول البعض ترويجها ونسب إنجازات تلك العملية لنفسه !! إلا أن التاريخ يشهد للشهيد أبو محمد العمري أنه صاحب فكرة العملية والمخطط الأول لها والمدرب الأوحد للشباب المنفذين لهذه العملية البطولية الكبيرة ،والمسئول المباشر لهم. وتبدأ فصول هذه العملية الجريئة حينما رفضت اللجنة الأوليمبية قبول طلب فلسطين بالانضمام والمشاركة في بطولة الألعاب الأوليمبية في ألمانيا، ولما كان الشهيد أبو محمد العمري رياضياً قديماً ومهتماً بشؤون الرياضة فقد ساءه كثيراً ألا يرى علم بلاده يرفرف بين الأمم المشاركة بينما تشارك إسرائيل، ويحرم أصحاب البلاد الأصليين من المشاركة !!لذلك أقترح الشهيد أبو محمد العمري على الشهيد القائد صلاح خلف استغلال هذا الحدث الرياضي الكبير والقيام بعملية كبيرة داخل القرية الأوليمبية يكون الهدف الأساسي لها لفت الانتباه لقضية الشعب الفلسطيني العادلة، من خلال احتجاز أفراد البعثة الرياضية الإسرائيلية، والمطالبة بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال الإسرائيلي !! في البداية لم يستحسن الشهيد أبو إياد الفكرة وقال له مازحا أنت مجنون !! فقال له أبو محمد ألم يكن تأسيس الثورة الفلسطينية جنونا !!في ظل ظروف لم تكن لصالحنا ومع ذلك نجحنا !!فطلب منه الشهيد أبو إياد أعداد تصور عام عن العملية، والإمكانيات المتاحة لذلك. بدأ أبو محمد بوضع تصور بالغ الدقة والتنظيم حول العملية قبل بدء دورة الألعاب بعدة أشهر حيث قام بجمع المعلومات الأزمة حول البعثة الإسرائيلية ،وكانت متوفرة في الصحافة الإسرائيلية، والعالمية حيث أعلن عن خمسة عشر رياضيا إسرائيليا سوف يشاركون في الألعاب بالإضافة إلى الطاقم الفنية لذلك قدر أبو محمد العمري أعضاء البعثة بحوالي 35 شخصا، وبالتالي كان تقديره أن يتم تجهيز 12 مقاتلا" متمرسا على درجة عالية من التدريب بغرض تنفيذ هذه العملية، أما الأسلحة فستكون عبارة عن رشاشات أوتوماتيكية من نوع AK47 مع أعداد وافرة من المخازن الإضافية والقنابل اليدوية وأسلحة بيضاء وأشرطة لاصقة للتعامل مع الأسرى اليهود بعد احتجازهم ،أما بخصوص جمع المعلومات عن القرية الأوليمبية فكان لابد من الاستعانة بأشخاص من جنسيات مختلفة وعلى الأخص الإيطاليين ،والفرنسيين ،والجماعات الأجنبية الأخرى المتعاونة أو المناصرة للثورة الفلسطينية لأن هؤلاء بطبيعة الحال لا يثيرون الشكوك أثناء تنقلاتهم في القرية الأوليمبية بسبب ملامحهم الأوروبية. وبعد عرض التصور العام عن العملية على القائد أبو إياد وافق على الفور وأبلغه بالاستعداد لمرافقته إلى إيطاليا، وبلغاريا لترتيب هذه العملية وبعض الأمور الأخرى الخاصة بالتحرك السياسي لفتح على الساحات الأوربية. بتاريخ 15/تموز/72 حملتهما الطائرة إلى روما وهناك تم الاتصال بفرق جمع المعلومات الأوروبية العاملة مع أيلول وتجميعهم في روما لتكليفهم بعملية جمع المعلومات غن القرية الأوليمبية في ميونخ، وهناك أقترح أبو محمد على أبو إياد استدعاء صديقهما القديم (أبو داوود)،وأحد أعضاء أيلول من بلغاريا وتكليفه هو الآخر بجمع المعلومات عن القرية الأوليمبية خاصة وانه موجود في بلغاريا بلا أي مهمة فلا بأس من أن تتقاطع معلوماته مع معلومات المصادر الأخرى..فوافق أبو إياد وتم استدعاء أبو داوود (محمد داود عودة) إلى روما وفى اللقاء الذي تم بين الثلاثة أجل أبو أياد إطلاع أبو داوود على مهمته في ميونخ وأقتصر الأمر بأن أعطاه فخري العمري التعليمات بخصوص صفقة الأسلحة المنوي شرائها من البلغار وخاصة الرشاشات المزودة بكاتم صوت وقائمة أخرى من الأسلحة يعود بها أبو داوود إلى بلغاريا لتسليمها إلى المسئولين البلغار على أن ينتظرهما هناك. بعد ذلك قام الشهيدان أبو إياد وأبو محمد بزيارة وائل زعيتر -(استشهد فيما بعد على يد الموساد الإسرائيلي انتقاما" لعملية ميونخ) وتم اللقاء بين المجموعات الأوروبية لجمع المعلومات في منزله وتم تكليف كل منهم بمهامه. بتاريخ 25/تموز/72 وصل أبو إياد وفخري العمري إلى صوفيا واصطحبا أبو داوود لمقابلة المسئولين البلغار وأتموا صفقة الأسلحة وعادوا إلى الفندق وهناك أطلعا أبو داوود على مهمته التي تقتصر على جمع مايمكن من معلومات عن الإجراءات الأمنية في القرية الأوليمبية وأماكن تواجد البعثة الإسرائيلية ومداخل ومخارج القرية ونقاط المراقبة الأمنية ونقاط الضعف.......الخ على أن يعود فخري العمري لملاقاته بعد نحو أسبوعين في ميونخ.
بتاريخ 7/8/72 وصل فخري العمري إلى ميونخ مصطحبا" معه (يوسف نزال – شي جيفارا)، وهو من تلاميذ الشهيد القائد أبو علي إياد، وشارك معه في معارك جرش، وعجلون في الأردن ثم انتقل إلي قاعدة عسكرية قرب النبطية في لبنان، والتحق للعمل مع أبو إياد في شباط 72، ثم تم فرزه للعمل مع أبو محمد العمري فقد كان مقاتلا متمرسا وعلي دراية كبيرة بفنون الحرب والقتال المختلفة لهذا تم ترشيحه لقيادة مجموعة الفدائيين التي ستهاجم ميونخ وتحتجز الفريق الأولمبي الإسرائيلي، فقد ارتأى أبو محمد إنه لابد من اصطحاب (شي) معه ليعاين بنفسه مكان العملية والتشاور في كيفية الدخول إلي هناك وتنفيذ المهمة. استقبلهما أبو داوود، وبعد الراحة والتعارف انتقل ثلاثتهم لمعاينة القرية بعد أن استمع أبو محمد لتقرير أبو داوود فوجدها غير كافية خاصة وأن الفريق الأوروبي أورد معلومات مهمة لابد من التأكد منها ومقاطعتها مع معلوماتنا الخاصة..
عند المعاينة اكتشفوا أن السور الحديدي عاليا بدرجة قد لا تسمح بتسلقه دون أحداث صوتا قد يلفت الأنظار إليهم !! كما أن عدد الفدائيين كبيرا، فكيف سيدخلون بأسلحتهم وعددهم هذا دون لفت النظر إليهم ؟!! عادوا جميعا بعد ذلك إلي الفندق لمتابعة دراسة العملية علي أن يعودوا ليلا علهم يجدون مخرجا !! توجهوا مساءا لمعاينة القرية من الخارج واللف حول السياج الحديدي في محاولة منهم لإيجاد نقطة ضعف في السياج ،ولكن بلا جدوى !! إلي أن وجدوا الحل في أحد الفرق الرياضية (الغير منضبطة) تتسلق السياج الحديدي بملابسهم الرياضية ويحمل بعضهم البعض علي مرآى من الحراس الألمان !! بل الأكثر من ذلك إنهم كانوا يرجونهم على استحياء بضرورة التقيد بمواعيد القرية وعدم التأخر مرة أخرى !!
لم يكن صعباً على الثلاثة استيحاء فكرة الدخول إلى القرية من هؤلاء الرياضيين المنفلتين !، وسيستلزم ذلك فقط شراء ملابس رياضية وشنت رياضية كبيرة لوضع الأسلحة فيها بدلاً من المعدات الرياضية ! أمضى ثلاثتهم بعد ذلك الأيام التالية في تحديد الفنادق التي سينزل الفدائيين فيها (بمجموعات مكونة من فردين)، وكذلك المطاعم والمقاهي التي سينتظرون فيها في الساعات التي ستسبق العملية. بتاريخ 12/8/72 غادر أبو محمد العمري ،ورفيقه (شي) إلي ليبيا لموافاة بقية الفدائيين في معسكر التدريب هناك، والذين تم اختيارهم بعناية شديدة من معسكرات فتح في طرابلس (شمال لبنان). أما أبو داوود فقد غادر إلى لبنان لأن أبا إياد كان بحاجة إلى جواز سفره الأردني من أجل (تزوير التأشيرة الألمانية) لمجموعة منظمة أيلول الأسود الفدائية، وقد قام بذلك (أبو الوليد العراقي) الذي مكن كافة مناضلي فتح والثورة الفلسطينية من الدخول إلي دول العالم بجوازات وتأشيرات علي درجة عالية من الدقة والحرفية في التزوير.. بتاريخ 17/8/72 عاد أبو داوود إلى ميونخ في انتظار الفدائيين القادمين من ليبيا والأسلحة التي سيتولى أبو إياد بنفسه إدخالها إلى ألمانيا.
بتاريخ 24/8/72 وصل أبو إياد إلي مطار فرانكفورت برفقة ثري فلسطيني ورجل أعمال معروف بدعمه للثورة الفلسطينية هو (علي أبو لبن) وكذلك امرأة اسمها (جولييت) لعبت دور زوجة أبو إياد بينما كان أبو داوود في الخارج يراقبهم من بعيد واستمر في مراقبتهم بعد الخروج من المطار، ووصولهم إلي الفندق للتأكد أنهم ليسو مراقبين، وقد شاهد بعينيه أبو إياد يفتح الحقائب بعد أن أصر رجال الجمارك علي ذلك، وكيف أنه نثر أمامهم ملابس داخلية نسائية أدت إلي أن أخجلهم جميعا ثم جاملهم، وانصرف بثقة، وهدوء إلي خارج المطار باتجاه الفندق، بينما لحق بهم أبو داوود بعد نحو ساعة بعد أن تأكد من عدم وجود مراقبة.
في الفندق استلم أبو داوود الأسلحة وهي عبارة عن (ستة كلا شينات + اثنين رشاش كارلوستاف وعدد كافي من المخازن) أما بخصوص القنابل اليدوية فإن(علي أبو لبن) سوف يحضرهما في الرحلة التالية بعد يومين، وبناءا علي ذلك فهم أبو داوود أن عدد الفدائيين هو (ثمانية) وليس (عشرة)كما اتفق مع أبو محمد !! ولما استفسر عن السبب أخبره أبو إياد أن هناك مشكلة حدثت أثناء التدريب في ليبيا حيث أصيب اثنان من المغاوير بكسور لن تمكنهما من المشاركة في العملية بسبب البرنامج القاسي الذي وضعه أبو محمد في التدريب، كما أنه ليس هناك وقت لتجهيز غيرهما، وطلب منه أبو إياد الإسراع في نقل الأسلحة من فرنكفورت إلي ميونخ مع علي أبو لبن ووضعها في محطة القطارات المركزية في خزائن الأمانات... في انتظار وصول القنابل بعد يومين، وبالفعل تم ذلك حيث طار بعدها (أبو لبن) وعاد بتاريخ 26/8 / 72 (يوم افتتاح دورة ميونخ للألعاب الأولمبية) محملا بالقنابل ،وتم تخزينها في نفس المكان السابق الإشارة إليه.
وصول الفدائيين[عدل]
بتاريخ 28/8/72 وصل (شي) المسئول العسكري ومعه محمد مصالحة المسئول السياسي للعملية من حيث عرض المطالب علي الألمان والتفاوض معهم وهو شخص مثقف جدا وتم اختياره بعناية وهو ينتمي إلى مدينة حيفا ويحمل شهادة عالية في الجيولوجيا بالإضافة إلي إجادته للغة الألمانية وكان وضعه يؤهله لقيادة الجانب السياسي من العملية شأنه في ذلك شأن رفيقه (شي)، حيث استقبلهم أبو داوود واستطاعوا جميعا القيام بمعاينة أخيرة خاصة وأن الفريق الأوربي استطاع تحديد مكان البعثة الإسرائيلية في المبني (31) وهو مؤلف من طابقين يحتويان علي (6) شقق يبيت في كل شقة اثنان من الرياضيين الإسرائيليين ،وهي المعلومات التي زودهما بها أبو محمد العمري قبل مغادرتهما إلي ميونخ، وبالتقاطع مع المعلومات الأخرى التي حصل عليها أبو داوود بمساعدة امرأة فلسطينية تدعي (سهام) لم يتبقي إلا وصول بقية الفدائيين الستة من ليبيا ،وفي مساء الخميس 31/8/72 اتصل أبو داوود مع الشهيد عاطف بسيسو في بيروت حسب تعليمات أبو إياد وطلب منه أن يبلغ أبو محمد العمري بأن كل شيء أصبح جاهزا ,وإنهم في انتظارهم.
بتاريخ 3/9/72 وصل أبو محمد العمري والشباب الآخرين إلي ميونخ كل منهم في رحلة مختلفة، وتم إنزال كل ثلاثة منهم في فندق مختلف أما أبو محمد فقد نزل في نفس فندق أبوداوود (أدن وولف)، وفي صباح 4/9 تم الاتصال بمصالحة وشي لموافاتهما بالفندق، ومن ثم إحضار الأسلحة من المحطة المركزية إلي الفندق وقاموا بتجهيز الأسلحة في الحقائب بالإضافة إلي بعض المعلبات الغذائية.
قام أبو محمد بإعادة التفاصيل مرة أخرى والتقيد بمهام كل منهما في الجانب السياسي والعسكري وعدم تدخل أي منهما في صلاحيات الآخر كما شدد علي تعليمات أبو إياد بالتمسك بالمطالب الواردة في البيان الذي سوف يعلن بتوقيع (منظمة أيلول الأسود الدولية)، وفي حالة أي طارئ أو عرض غير وارد في المخطط من جانب الألمان قام أبو محمد بإعطاء (مصالحة) رقم هاتف عليه أن يتصل به في حالة الضرورة القصوى، وعليه أن يقول (أنا من مينشن، وبدي طلال !!)، وقام بتسليمهما الحقائب الخاصة بالفدائيين الآخرين كل في فندقه علي أن يعودوا جميعا في التاسعة مساء في المطعم الخاص يبقي مفتوحا حتى الصباح) بمحطة القطارات المركزية، بعد أن يدفعوا لإيجار الغرف ،ومحو أي أثر يدل عليهم !!، وفي الموعد المحدد حضر الفدائيين جميعا وهناك أطلع أبو محمد العمري الفدائيين الستة بالعملية وأكد عليهم الالتزام بتعليمات (شي)، كما أكد علي مصالحة تعليمات أبو إياد بخصوص المطالب الفلسطينية بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، كذلك الظهور بأننا لسنا مجرمين، وإنما طلاب حرية، عدم إراقة الدماء إلا في حالة الدفاع عن النفس، وكذلك المعاملة الطيبة للأسري طالما التزموا الهدوء.. وقام بتوديعهم جميعا للالتحاق بطائرته إلي تونس حيث يبقي هناك لاستقبال أي طارئ من مصالحة وتحديدا إلي منزل صديقه السفير الأردني السابق (فرحان الشبيلات) وهو ما لم يكن يعرفه مصالحة ولا أبو داوود، حيث أن هذا الرجل كان له ابن يدعي (طلال) ،وكان يقيم في تونس بعد إقالته بسبب تعاطفه مع الثورة الفلسطينية، ولم يكن يعلم شيئا عن تدبير صديقه أبو محمد العمري لعملية ميونخ ،ولاعن انتحاله لاسم إبنه (كاسم حركي له) أما الشباب فقد تركهم في عهدة أبو داوود لإيصالهم إلى القرية، ومن ثم مغادرة الأراضي الألمانية فوراً.
في تمام الساعة الثانية والنصف غادر الجميع المطعم بعد أن قام أبو داوود بجمع جوازات السفر من الفدائيين، وأي شيء يدل علي الجهة التي أتوا منها ثم صعدوا التاكسيات باتجاه النقطة المحددة عند السياج الحديدي والذي يبعد خمسون مترا فقط عن مقر البعثة الإسرائيلية بعد تجاوزه !وتم إدخال الفريق كما هو متفق بمعاونة فريق أمريكي كان عائداً هو الآخر متأخراً، وقاموا بنقل الحقائب المليئة بالأسلحة دون علم منهم أنهم يساعدون الفدائيين في إيصال مشروعهم إلى غايته !!
فاجأ الفدائيون البعثة أثناء نومهم وحاول أحد المصارعين اليهود عرقلة الفدائيين وتخليص سلاح أحدهم, وهو موشيه واينبرغ فما كان من المقاتلين إلا أن أردوه قتيلا دفاعا عن النفس كما في التعليمات فلم يكن في مخططهم أبدا قتل أحد، وإنما إخراج زملائهم الأسرى من السجون الإسرائيلية حسب البيان الذي سلموه للسلطات الألمانية، وعند الظهر تقريبا قام مدير مكتب الجامعة العربية محمد الخطيب بنقل عرض ألماني إلي الفدائيين ينص علي مبادلة الرهائن الإسرائيليين بمتطوعين ألمان يقتادهم الفدائيين إلي دولة عربية، وبعد شهرين أو ثلاثة أشهر تقوم إسرائيل بإطلاق سراح خمسين أسيرا سرا بعد أن تتولي عدة دول عظمى ضمان احترام الدولة الإسرائيلية لتعهداتها ،وقرر مصالحة وهو المناضل المنضبط مشاورة أبو محمد العمري (طلال) على رقم الهاتف في تونس، ولسوء حظ الجميع لم يصل أبو محمد في موعده فقد احتجزته السلطات التونسية بدعوي عدم حصوله علي تأشيرة مسبقة، وهو ما لم يكن معمولا به في دخول قيادة فتح إلي تونس والي أن انتهت المشكلة ووصول أبو محمد إلي منزل صديقه (شبيلات) متأخرا جدا كان مصالحة قد استنفذ محاولاته في الاتصال به خاصة بعد الالتباس الذي وقع بين مصالحة وابن السفير الأردني (طلال) الذي يجهل تماما كامل الشيفرة المتفق عليها كوسيلة تشاور !! لم يكن أمام مصالحة إلا رفض العرض حيث توجه مصالحة عند الرابعة والنصف إلي مفاوضيه الألمان (وزير داخلية بفاريا - برونو مارك، وشيربن غينشر- مسئول أمني) طالباً ثلاث مروحيات لتلهم إلي مطار (فورشتنفيلد بروك - العسكري) والمغادرة علي متن طائرة إلي القاهرة.
وافق الألمان علي العرض بعد مشاورة تسفي زمير رئيس الموساد، بشأن الخطة التي وضعوها للقضاء على الفدائيين وتحرير الرهائن في المطار!، وعند وصول الفدائيين للمطار أطلق قناصة ألمان النار علي شي ومصالحة أثناء عودتهما من فحص الطائرة التي ستقلهما إلي القاهرة حيث استشهدا علي الفور بينما بادر الفدائيين الآخرين (الستة) حيث تواجد كل اثنين في مروحية مع ثلاث رهائن وانتهت المعركة باستشهاد ثلاثة فدائيين، ونجاة ثلاثة آخرين، وقتل جميع الرهائن علي الفور !!
يبقي القول أن النهاية المأساوية لهذه العملية لم تمنع من بلوغ الأهداف الموضوعة لها، فقد اطلع الرأي العام العالمي علي المأساة الفلسطينية بفضل الزخم الإعلامي للألعاب الأوليمبية كما فرض الشعب الفلسطيني حضوره على هذا التجمع الدولي الذي كان يسعى لاستبعاده.
0 التعليقات:
إرسال تعليق