صامد

صامد

الأربعاء، 3 أغسطس 2016

رؤية جديدة... لفلسطين مستقلة

صامد للأنباء -
بقلم: د. صبري صيدم
وزير التربية والتعليم العالي
مع نشر هذا المقال، يكون قد مرَّ عام كامل على انطلاق حملة النهوض بالتعليم، لذا نجد لزاماً علينا إطلاع مجتمعنا الأبي في سطورٍ بسيطة على جهد وزارة "الشعب" و"الدفاع" الفلسطينية خلال ذلك العام، وهي سنةٌ من الجدِّ والمثابرة، واصلت فيها الأسرة التربوية التي أعتزُّ وأفتخر بها، العمل بروح الفريق الواحد، وبصورة متواصلة، دون كلل أو ملل، وضمن مخطط علمي مهني مدروس، هدفها إحداث الفرق الإيجابي، وتحقيق التطوير، تحت شعار (عام التطوير التربوي)، فبدأت الوزارة العمل خطوةً خطوة، وبصورة حثيثة ومتسارعة، واضعة نصب أعينها أولويات مهمَّة، مدركة أن تنفيذها من شأنه أن يؤسِّس لمرحلة متميزة، وسنوات من الإنجاز المعرفي، ويؤدي إلى مخرجات من شأنها أن تحقِّق التطوير المنشود بدعم وإسناد من القيادة والحكومة.
لقد حملت الوزارة هذه الأمانة، وكانت تدرك تماماً أن العبء كبيرٌ وليس سهلاً، ولكن ثقتها بأبناء شعبها، وبأسرتها التربوية كبيرة أيضاً، فوعدت القيادة والجميع، بأنها ستكون على قدر هذه المسؤولية، وبدأت في إطار اللجنة المكلَّفة بإصلاح المسيرة التعليمية، بتقديم مقترح لتطوير امتحان الثانوية العامة (التوجيهي)، والذي بات تطبيقه قريباً، وضمن هذا السياق، بدأت الوزارة بتغيير المناهج الدراسية بصورة كلِّية وشاملة، تتواءم مع مقتضيات التطوير.
كما أنها تعكف على دمج التعليم المهني والتقني في التعليم العام، بإدخال تسع مهنٍ للصفوف: السابع، والثامن، والتاسع من شأنها أن تُعلي قيمة المهنة، وأن تتَّجِه بطلبتنا نحو سوق العمل، بصورة تحقِّق التنمية، بينما لم تغفل الوزارة أهمية التكنولوجيا، فبدأت خطواتها الأولى نحو مشروع رقمنة التعليم بالتعاون مع البلديات وعدد من الدول الصديقة، في إطار الاستفادة من التجارب الرائدة في عالم المعلوماتية وتوظيف التكنولوجيا الحديثة في بُنية النظام التربوي، متضمِّناً أربعة محاور رئيسة، تتمثَّل بتدريب المعلمين، وربط جميع المدارس بالإنترنت عبر توسيع الاتفاق مع شركة الاتصالات لربط كافة المدارس، وتوفير المحتوى الرقمي المرتبط بالمنهاج، وعليه أطلقت الوزارة البوابة التعليميَّة التي تحتوي على آلاف لبنات التعلُّم، لنصل إلى المحور الأخير الذي يتضمَّن توفير الأجهزة للمعلمين والطلبة.
وفي خطوةٍ غير مسبوقة، هي الأولى من نوعها على مستوى التعليم في فلسطين والمنطقة، نفَّذت الوزارة برنامجاً حمل اسم "النشاط الحر"، طبّقته في 100 مدرسة حكومية، بالشراكة مع مؤسستين وطنيتين؛ هما الوطنية موبايل وصندوق الاستثمار الفلسطيني، إيماناً وترجمةً لتوجُّهها، وفلسفتها الرامية إلى تعزيز التواصل والعلاقة بين الطلبة ومدارسها، وصقل شخصياتهم عبر توظيف أساليب تربوية عصرية، تضمن تحقيق النمو الشمولي للطالب.
وبهدف الوصول إلى نظام تعليمي أكثر تحفيزاً وتقديراً للإبداع والتميُّز التعليمي والتربوي، قامت الوزارة بتأسيس صندوق للإنجاز والتميُّز، لتبنّي المبادرات التربوية الخلاقة، وتشجيع الإبداع لدى العاملين والمهتمين بالتعليم، وتعزيز احترام المجتمع وتقديره لمهنة التعليم، حيث سينطلق الصندوق في عمله قريباً.
وفي هذا الجانب، تقدِّر الأسرة التربوية دور سيادة الرئيس ودعمه اللامحدود لها، وللمعلمين على وجه الخصوص، وهو الذي مارس التعليم في بداية مشواره النضالي، ويقدِّر رسل العلم ورسالة التعليم، وكذلك دور دولة رئيس الوزراء، رائد التربويين والداعم الرئيس لخطة التطوير، والزملاء الوزراء الذين يدعمون على طريقتهم وزارة التربية والتعليم العالي في مسعاها.
وتماشياً مع التوجّهات التطويرية، عملت الوزارة على صياغة قانون جديد للتربية والتعليم، بدلاً من القانون القديم الذي يزيد عمره عن خمسين عاماً، بمشاركة مجتمعيَّة واسعة، ليتضمَّن العديد من المواد التي تشكِّل ركيزة لتنظيم وتطوير العمل التربوي، بينما تعمل على استحداث قانون عصري جديد للتعليم العالي، يقود أيضاً إلى تعديل نظام معادلة الشهادات والاعتراف الخاص بها، وكذلك تحديث التعليمات والمعايير المعتمدة لدى الهيئة الوطنية للاعتماد والجودة والنوعية لمؤسسات التعليم العالي، وتطوير نظامي التعليم الإلكتروني ووقفية التعليم العالي، وتسعى أيضاً لإعادة تقييم قطاع التعليم العالي برمَّته عبر الزملاء أعضاء مجلس التعليم العالي.
لقد أبرمت الوزارة خلال العام الماضي، العشرات من اتفاقيات التعاون مع الدول والمؤسسات، بما يؤسس لأوسع مشاركة من شأنها أن تعود بالنفع والفائدة على الأسرة التربوية، وتقود إلى التطور العلمي والبحثي والمعرفي للطلبة والمعلمين والأكاديميين، مما أدى إلى توسيع قاعدة المنح والبعثات الدراسية، وتبادل الخبرات العلمية والمعرفية، بصورة تنهض بالتعليم الجامعي والعالي، وأحيت بالتعاون مع وزارة العمل، المجلس الأعلى للتعليم المهني والتقني، لينسجم كل ذلك، وينصهر في بوتقة الإنجازات المتراكمة، ويؤتي أُكله في دعم التعليم.
وأمام تعاظم الإنجازات وتعاظم التحديات أمام الوزارة، فهي تعي تماماً بأن لا تطور للتعليم دون تحقيق رفعة المعلم ونصرته، وعليه تؤكد الأسرة التربوية سعيها الدائم للنهوض بواقعه وتحسين أوضاعه، لأن الوزارة تؤمن أنه يستحق الأفضل، ولن تتوانى عن دعمه ومساندته حتى تحقيق كل مطالبه العادلة؛ لأنها بالمعلمين تستطيع النهوض بالتعليم وإحداث الثورة التربوية المنشودة.
وهنا، لا بد من شكر جميع الجهات والمؤسسات والأفراد الذين وقفوا إلى جانب الوزارة، ودعموها وساندوها في عملها وأوج تحدياتها، فواصلوا التفافهم الشعبي والجماهيري مع وزارة الشعب الفلسطيني "أُمُّ الوزارات"، فكانوا نِعم السند والعون لمواجهة التحديات التي يفرضها الاحتلال وإجراءاته العنصرية التي تستهدف الطلبة والمعلمين وضرب العملية التعليمية، خاصة في القدس، التي تسعى الوزارة بقوة للحفاظ عليها رغم كل الظروف والمعيقات.
إن الوزارة تدرك تماماً بأن صناعة التغيير ليس أمراً سهلاً وأن الحرص المجتمعي ودعمه وعتبه في آن واحد يشكلان الفرصة الأكبر لتطوير العمل وضمان تجويده وتطويره ليرتقي إلى حجم الطموح الكبير، لذا فإن مهمة وزارة التربية والتعليم العالي ليست سهلة، وليست محفوفة بالراحة والهدوء، لكنها وبصخبها، لا بد وأن تقود نحو التطوير المنشود.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

فلسطيني وأفتخر

فلسطيني وأفتخر