صامد

صامد

الأحد، 13 ديسمبر 2015

مراد عبد الرؤوف

صامد للأنباء -
بقلم لواء ركن/ عرابي كلوب 

مراد عبد الرؤوف العربي المصري الذي جاءنا من بلاد النيل وبين أصابعه قبضة قطن أبيض ليضعه على الجرح الفلسطيني الذي أدماه السكين العربي.
مراد عبد الرؤوف جاءنا فدائياً مصرياً، حيث نحن في أمس الحاجة إلى الموقف العربي.
ولد/ مراد عبد الرؤوف في الأسكندرية عام 1953م، وخلال فترة دراسته تعلم فن التصوير، التحق بحركة فتح في بيروت عام 1972م، حيث عمل مصوراً لمدة ثلاث سنوات في الإعلام الموحد الفلسطيني، عاش المعاناة الفلسطينية في المخيمات، حمل الكاميرا بيده ونقل للعالم كله الصورة الفلسطينية الصادقة في كل مواقعهم.
في عام 1976م التحق المصور/ مراد عبد الرؤوف بمكتب القائد العام الأخ/ أبو عمار وتولى مهمة المصور الخاص له، فأعطى وأبدع، وفي كل معارك الثورة فرض الحدث الفلسطيني وقضيته العادلة بالصورة الحية على كبريات الصحف العربية والعالمية، وجسد صورته الحية بإيمان وإرادة كبيرة.
كان مراد عبد الرؤوف يحمل الكاميرا ويتنقل كالفراشة بين مواقع القتال وعلى خطوط التماس ليسجل وقائع الإرهاب والعنصرية والفاشية البشعة التي كان يمارسها الطائفيون من كل المشارب ضد الشعب الفلسطيني والثورة الفلسطينية.
طوال فترة الحصار في بيروت عام 1982م خلال الاجتياح الاسرائيلي للعاصمة اللبنانية، كان مراد عبد الرؤوف كالفراشة ينتقل من موقع إلى موقع ومن مكان إلى آخر، واصبعه على زناد الكاميرا لا يتوقف ومعمله الذي يحمله يواصل قذف الصور التي تعكس وقائع الحرب بحلوها ومرها.
مصورنا مراد عبد الرؤوف رأى الكثير في حياته القصيرة التي عاشها، رأى الموت ايضا قاب قوسين أو أدنى مرات عديدة واحدة منها لما صوب عدسته إلى جنود الغزو في بيروت الحبيبة فطاردوه بالنيران، ومرة أخرى سابق الريح إلى حدث من أحداث صراعنا مع العدو، فكاد الموت يختطفه والضمادات فوق رأسه وصور الحدث جاهزه معه.
بعد خروج قوات الثورة الفلسطينية من بيروت عام 1982م بقى مراد في بيروت ينتظر مولوده الثالث، حيث كان يقول لا يصح أن أترك زوجتي وحدها تحت رحمة الجزارين، بعد رحيل المقاتلين، وفعلاً بقي رغم كل المخاطر بقى مراد في بيروت إلى حين تم اطلاق النار عليه، فعاد إلى السرب المهاجر إلى تونس الخضراء مقر قيادته والتحق مجدداً بعمله مصوراً للرئيس/ أبو عمار.
كان مراد عبد الرؤوف بسيطاً متواضعاً يحمل في بنيته الضخمة فؤاد وبراءة الأطفال، ولا يتحدث عن نفسه الَّا حين يتحدث عن الثورة، فهو يعترف مثل كل المناضلين الأخيار من اين لي بكل هذا في خارج الثورة، حيث أن الفرصة التي قدمتها لنا الثورة كانت مستحيلة المنال لغيرنا، أنا املك أوسع أرشيف يمكن أن يمتلكه أي مصور في العالم، أن الثورة هي سبب كل هذا الغنى في المعرفة والاطلاع ومبعث كل هذه الثقة بالنفس.
فعلاً كان مراد وفياً وكان يرافق الأخ/ أبو عمار في كل تحركاته وجولاته، ووفائه هذا علمه الحرص على ما يجب أن ينشر من الصور وما لا يجب الأمر الذي ميز مراد ووصمة بالمصور الصحفي الثوري.
كان مراد عبد الرؤوف أميناً لا يتحدث بما يضر ولا يضير، وكان كالبئر العميق في حفظ الأسرار.
كان الجمل صبوراً لا يئن ولا يتألم ولا ينام، الَّا بعد أن ينام ياسر عرفات قائده، ويعتز بذلك قائلاً لا أقبل لنفسي الَّا ما يعيشه أبو عمار.
لم يكن مراد عبد الرؤوف يبغي مجداً ولو أراد ذلك لكان موقعه في غير مكاننا، لقد أراد لنفسه أن يكون مناضلاً ولكاميرته أن تكون بندقية في زمن الحرب، ومرآه تعكس نماذج الحقيقة والحضارة الإنسانية.
مراد عبد الرؤوف مربوع القامة، رشيق الحركة رغم ضخامة جسمه، ضاحك أبداً بانفعال شديد، وفوق ذلك مليء بروح النكتة المصرية اللاذعة.
لقد عمل المصور مراد عبد الرؤوف بهمة ودأب ونشاط فأعطى عملاً عظيماً ستحفظه دفات كتب التاريخ الفلسطيني.
مراد عبد الرؤوف متزوج وله ثلاث أولاد.
توفي يوم السبت الموافق 13/12/1985م، بعد حياة نضالية حافلة بالعطاء والكفاح من أجل انتصار قضية الشعب الفلسطيني، ودفن في مصر.
مراد عبد الرؤوف هذا المناضل والبطل المصري الفلسطيني ترك وراءه وهو يغادرنا سجلاً حياً وحافلاً بالكفاح لثورتنا ولتاريخ معاركنا المصورة.
مراد عبد الرؤوف حبيباً آخر فقدناه.
فعلاً لقد ذهب مراد عبد الرؤوف بلا وداع، وعلى عجل وكما ذهب الآخرون، فنم قرير العين ولا تقلق.
أخيراً يا مراد لن نقول وداعاً، ولكن نقول إلى اللقاء وعلى العهد وان العهد كان مسؤولاً، رحم الله المصور الفذ/ مراد عبد الرؤوف واسكنه فسيح جناته
هذا وقد نعت منظمة التحرير الفلسطينية وحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) ومكتب القائد العام، واصفة حياته بأنها كانت مليئة بالعطاء والنضال من أجل الوطن والقضية والشعب.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

فلسطيني وأفتخر

فلسطيني وأفتخر