صامد

صامد

الأحد، 30 مارس 2014

يوم الأرض .. وحدة القضية!...- يحيى رباح

صامد للأنباء\ في الثلاثين من آذار عام 1976، حين وقعت المواجهة الدموية الكبرى في قرى سهل البطوف الثلاث، داخل ما يعرف بالخط الأخضر، أي داخل دولة إسرائيل، كان قد مضى على إنشاء إسرائيل ثمانية وعشرون عاماً وهو عمر النكبة الفلسطينية آنذاك، وكان قد مضى تسع سنوات على القفزة الصهيونية الثانية أي احتلال بقية الأرض الفلسطينية في عام 1967، أي احتلال القدس والضفة وقطاع غزة، وكانت الحركة الصهيونية ممثلة بإطاراتها المتعددة: دولة إسرائيل، الوكالة اليهودية، اللوبيات اليهودية في أميركا، التحالفات الصهيونية إقليمياً ودولياً، قد حققت نجاحاً خارقاً على مستوى انكار وجود الشعب الفلسطيني، وتجزئة هذا الشعب على مستوى الهوية وعلى مستوى الحقوق السياسية والتاريخية إلى أشلاء، فلسطينيو الداخل تخاطبهم بأنهم مسيحيون ومسلمون، عرب ودروز وبدو، وفلسطينيو الضفة إلى مقيمين في القدس ببطاقة هوية زرقاء، وفلسطينيي المناطق المدارة في بقية الضفة وقطاع غزة، لاجئون ونازحون وغيرهم، وتحت كل اسم كان هناك قانون، ولكل قطعة قرار دولي، وكان العالم يتعامل مع هذه المفردات بحسب النوايا والأهداف الصهيونية الإسرائيلية، بل إن المنطقة كلها رغم عدم الاعتراف بإسرائيل كما هو معلن سقطت في هذه اللعبة الجهنمية.
"يوم الأرض":
الذي نحتفي بذكراه الثامنة والثلاثين، هو جزء عضوي من القيامة الفلسطينية التي بدأت في مطلع عام 1965 بإنطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة، يوم الأرض هو بكل المعايير المباشرة المحدودة وغير المباشرة الأكثر عمقاً، هو صدمة بصوت قوي للمشروع الصهيوني، لأن أهلنا في قرى سهل البطوف الثلاث، ومعهم كل الفلسطينيين في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة، ومن خلال صدمة الوعي هذه، أعادوا القضية الفلسطينية إلى عناصرها الأولى وأعادوا الشعب الفلسطيني إلى وحدته الأولى، بأنه شعب فلسطيني واحد مهما كانت بطاقات الهوية أو جوازات السفر التي يحملها، شعب واحد له حقوق سياسية كبرى من أبرزها الأرض التي هجر منها قصراً بقوة الحديد والنار، وأن هذه الأرض هي القاعدة الأولى لهويته الوطنية المبعثرة التي يجب أن تتوحد في وحول دولة فلسطينية مستقلة فوق الأرض الفلسطينية أولاً وقبل أي شيء أخر.
هذا هو مفترق الطرق بيننا وبين إسرائيل الآن، هذا هو سر الاشتباك الوجودي الذي يصل إلى ذروته الآن بيننا وبين إسرائيل، ذلك أن إسرائيل منذ اليوم الأول لإنشائها قبل ست وستين سنة ليس عندها برنامج رئيسي تدور حوله كل نشاطاتها سوى تفتيت وحدة القضية وتفتيت وحدة الأرض، وتفتيت وحدة الهوية.
ولو عدنا بالذاكرة إلى كل النشاطات السياسية والأمنية والعسكرية والاستيطانية والثقافية التي قامت بها الحركة الصهيونية قبل إنشاء إسرائيل وبعد إنشاء إسرائيل، لوجدناها جميعاً تنتظم في سياق هارموني واحد حول هذه الفكرة المركزية، وهي تفتيت وحدة القضية والأرض والهوية، فقد عملت الحركة الصهيونية منذ بدايات القرن الماضي على إخراج فلسطين من سياقها العربي، حين أخرجتها من سياق سايكس بيكو وأفرزتها لتكون إسرائيل، وعندما ضغطت القوى الدولية حول قرار التقسيم سواء حسب خارطة عام 1937 أو خارطة عام 1947 التي صدر بموجبها القرار 181 وجدنا الجهد الصهيوني ينصب كله على أن يجري التقسيم ولكن ليس مع الشعب الفلسطيني ودون أن تنتج عنه دولة فلسطينية، كما أن أخطر حلقات نفذتها إسرائيل مثل روابط القرى بالضفة أو الانقسام الفلسطيني في قطاع غزة، فإن هذه الحلقات جرت على نفس القاعدة، ولو دققنا في المشهد اليوم سواءً في بدعة نتنياهو المعروفة تحت عنوان الاعتراف الفلسطيني بيهودية الدولة، أو بدعة ليبرمان بتبادل السكان، أو مخطط دفع قطاع غزة إلى سيناء الذي تورط فيه الأخوان المسلمون في عهد الرئيس مرسي، فسوف نجد أن الهدف الإسرائيلي هو نفسه تفتيت وحدة القضية والأرض والهوية.

"يوم الأرض":
بشهدائه الأبطال، باحتشاده الفلسطيني العريق، وبتداعياته الكبرى، بذاكرته المتجددة، هو تأكيد استراتيجي كبير وخارق على وحدة القضية، وحدة الشعب، وحدة الهوية، ابتداء من أصغر مضرب لخيام البدو في النقب إلى أكبر مدينة فلسطينية داخل إسرائيل إلى مخيم اليرموك إلى أبعد منفى فلسطيني، فهناك خيط ناظم بهذه العناوين في عنوان واحد اسمه وحدة القضية الفلسطينية، وهذا هو جوهر ثقافتنا السياسية الفلسطينية التي نعبر عنها أحياناً بصرامات دوغماتية أو بمرونة براجماتية ولكن دون أن نخدش المقدس الذي اسمه وحدة القضية الفلسطينية.
يا يوم الأرض، سلاماً ومجداً وتحية، فإن أبطالك في قرى سهل البطوف الثلاث الذين جادوا بأرواحهم ودمائهم، أرادو لك أن تكون نوراً في الذاكرة، وعتبة مقدسة من عتبات الصعود إلى الهدف، ويوماً من أيام فلسطين، فكان لهم ما أرادو، فالتحية لذكراهم على مر الأيام والسنين.
Yhya_rabahpress@yahoo.com
Yhya-rabahpress@hotmail.com



0 التعليقات:

إرسال تعليق

فلسطيني وأفتخر

فلسطيني وأفتخر