صامد للأنباء -
الشهداء، هم الانبل والاكرم منا جميعا. هم شموع
طريق التحرير والعودة. وحملة راية القضية والشعب. هم الرواد في التضحية
بالذات دون السقوط في التمييز بين حساب "الانا" و"النحن". ارتقوا إلى أعلى
درجات التماهي مع تطلعات وطموحات وأهداف الشعب. عطاؤهم لا حدود له. لا مجال
للمقاربة بين الشهادة ووحدات القياس. لأن التضحية بالنفس أعظم من كل
المقاربات والتوصيفات.
شهداء فلسطين ورموزها
الابطال تتجلى عظمتهم في بلوغهم درجة النبوة والقداسة. نعم هم انبياء
الثورة، وهنا النبوة بالمعنى المجازي للكلمة. وهم قديسوها لأن درجة القداسة
في الديانة المسيحية تمنح للانسان، الذي أعطى دون تردد حياته دفاعا عن
قناعاته وديانته. هؤلاء الذين سطروا اروع واسطع الملاحم في التاريخ الوطني،
وكتبوا بدمهم الطاهر انقى وأَجل وأَبهى صفحات السجل الذهبي للشعب، تعرضت
شواهد أضرحتهم للتدمير من قبل التكفيريين الدواعش في مقبرة الشهداء بمخيم
اليرموك جنوب شرق العاصمة السورية، دمشق، الذي مازال (المخيم) تحت سيطرتهم.
وهو اعتداء فاضح وخطير يمس بابناء الشعب الفلسطيني في اصقاع الدنيا كلها،
باستثناء من والى تلك المجموعات المرتدة والعميلة، التي لا تمت للاسلام
بصلة، ولا يربطها رابط بقيم وأخلاق الشعوب المتحضرة.
ان
الجريمة، التي ارتكبها التكفيريون ضد شواهد اضرحة رموز من قادة الثورة على
رأسهم ابو جهاد، أمير الشهداء، وابو الوليد، سعد صايل، جنرال الثورة، وابو
صبري، ممدوح صيدم، الذي توفي في مطلع سبعينيات القرن الماضي، وثلاثتهم
اعضاء في اللجنة المركزية لحركة فتح، وطلعت يعقوب، امين عام جبهة التحرير
الفلسطينية وغيرهم من القيادات والكوادر الوطنية وابناء الشعب، تتلازم مع
جريمة دولة التطهير العرقي الاسرائيلية، التي قامت بتجريف مقبرة "مأمن
الله"، التي ضمت مقابر العديد من الصحابى والاولياء الصالحين المسلمين في
القدس العاصمة، وحولتها إلى مخمرة ومنتزه بعنوان يتناقض تماما مع ما
ارتكبته الدولة الاسرائيلية من جرائم حرب وتمييز عنصري بشع، هو منتزه
"التسامح".
كلا الجريمتين تعكس التكامل بين
الاصل والفصل، بين الدولة الاسرائيلية المنتجة للارهاب الدولي المنظم وبين
الاداة، التي تدعمها وتغذيها بمقومات البقاء، اي التنظيمات التكفيرية
بمجملها "داعش" و"النصرة" و"انصار بيت المقدس" وكل الجماعات المتفرعة من
رحم جماعة الاخوان المسلمين. وبالتالي لم تكن الاعتداءات وليدة الصدفة او
نوعا من العبث. بل هو استهداف مقصود وعن سابق تصميم وإصرار. وهو استهداف
لمكانة الصحابة والاولياء المسلمين ولرموز الثورة الشهداء في مخيم اليرموك.
وهو ما يعكس الاستهتار بقيم واخلاق والمعايير الناظمة لأبناء الشعب
الفلسطيني تجاه امواتهم وضحاياهم وشهدائهم. وهو تطاول على جزء من تاريخ
العرب المسلمين في القدس العاصمة المحتلة وعلى تاريخ الشعب الفلسطيني ككل.
دولة
الاحتلال والعدوان الاسرائيلية رفضت نقل رفات الشهداء إلى فلسطين ليدفنوا
فيها، إمعانا في الجريمة البشعة، التي ارتكبتها تجاه مقبرة "مأمن الله".
ولخشيتها من رفات الشهداء، الذين أذاقوها مرارة المواجهة، ووجهوا لطمات
وضربات قوية ومهمة لجيش الموت الاسرائيلي والمؤسسة العسكرية عموما. ولهذا
تخشى من مجرد وجود رفاتهم في ارض ابائهم.
ستبقى أضرحة شهداء
الثورة قادة وكوادر واعضاء في انحاء الدنيا كلها، وحيث توفاهم الاجل ودفنوا
مزارات وطنية لأبناء الشعب الفلسطيني وكل محبي السلام والحرية. ولن ينسى
الشعب الشهداء، وسيبقون خالدين خلود الارض والقضية.
oalghoul@gmail.com
0 التعليقات:
إرسال تعليق