صامد للأنباء -
إن الخطاب التخويني والتكفيري يمثل لدى التنظيمات
الاسلاموية عامة وسيلة دفاعية وهجومية في آن واحد، فهي تدافع عن تراجعها
وأخطائها وهزائمها بالهجوم على الآخرين بدلا من الاعتراف بالفشل أو بالخطأ
أو التراجع عنه وتقويمه ما هو مفقود في غالب هذه التنظيمات تماما، فهي ترى
ذاتها (ربانية) الفعل السياسي فكيف لها أن تخطئ! كما تعتمد على صورة الضحية
والمؤامرة العالمية على الإسلام (أي عليها حصريا)، وعليه يصبح تشويه
واتهام وشتم الخصم والتحريض عليه سياسة متبعة تربط ما بين الوطني والديني
بشكل تخريبي، ضمن مركب القداسة المطلقة لهم والدناسة للمخالفين.
جذور الفكر التخويني
مما
لا شك فيه أن ما وقع لعديد من زعامات وكادرات الاخوان المسلمين من سجن
ومطاردة في كثير من المراحل والدول (وان كان حصل لغيرهم ما حصل لهم ولم
يتجهوا للتحريض والعنف ضد المجتمع) قد ألقى بظلاله على فكرهم- إضافة لعوامل
أخرى- ليتجه سريعا نحو الانشقاقات بما أصبحت لاحقا التيارات المتطرفة
اليوم، وإن ظل الخطاب الاخواني الداخلي الرسمي يتجه عامة نحو رفض الآخر
وتنزيه الذات خاصة منذ أصبح سيد قطب يعتلي منبر التيار الحاكم في "الاخوان"
القاضي بتجهيل المجتمعات الاسلامية كافة، وفي إسقاط فهمه للحاكمية الإلهية
على الناس أي ضمن مفهومي "الجاهلية" و"الحاكمية" المستحدثين والاشكاليين.
التخوين والانقلاب
في
فلسطين تحديدا ازداد الخطاب التكفيري والتخويني الأصيل في التراث
الاسلاموي حدة منذ العام 2005، وبعد الدخول بالانتخابات التشريعية (بعد أن
بُغضت ورفضت عام 1996)، إلى أن وقع الانقلاب الدموي عام 2007 حيث كان شعار
(قتلاكم بالنار وقتلانا بالجنة) الصيحة المرتبطة بالتراث الاسلامي بالخطاب
بين المسلمين والكفار التي انطلقت من "حماس"- غزة مقدمة مترافقة مع القتل
المفزع والاشتباكات التي أودت بحياة المئات، وترافقت مع مقالات التكفير
المنسوبة لبعض الشيوخ ضد الأجهزة الأمنية.
لم
تتراجع حدة الخطاب التعبوي التحريضي لدى حماس حتى في مرحلة سيطرة حماس
الكاملة على القطاع حتى اليوم، بل أصبحت من على المنابر وجهرا، حيث تم
احتكار (المقاومة) إثر الحروب العدوانية الصهيونية الثلاث التي دمرت غزة،
كما سبق واحتكر الاسلام في منطوق فهمهم المحدود للاسلام بأدبياتهم الخاصة،
لا سيما وخطاب "حماس" (لئن بسطت يدك لتقتلني...) ليس بجواب (سأقطع يدك) كما
قالها الوليد بن عبدالملك بحق مخالفيه، وليس كما كان الجواب الرباني
التعليمي العظيم (ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك، إني اخاف الله رب
العالمين-سورة المائدة 28) كما هو منطوق الآية الكريمة، وانما كما قالها
مروان أبوراس من على منبر رسول الله في غزة (لئن بسطت يدك لتقتلني ...
سأقطع عنقك) دون أن يخاف الله قطعا، وهو ما حصل في الانقلاب.
وما
أدى في أحد المساجد في الضفة لأن يصدح احد الخطباء في المسجد مشيرا
للأجهزة الأمنية بوضوح (أنهم يعتقلون من يوحدون الله)! وكأن كل الناس ومن
في داخل المسجد من عديد الفصائل ممن لا يوحدون الله! ولولا وقوف المصلين له
بشراسة لتطاول على الدين وفرض رأيه الحزبي الخاص كما الحال في غزة.
ترافق
التحريض في الحروب الثلاث التي دعى فيها قادة "حماس" (تحديدا من أولئك في
غزة) المواطنين في الضفة الغربية لمقاومة السلطة وإشعال الضفة ضدها كما
أصبح يقترن الخطاب بين مقاومة المحتل ومقاومة السلطة واجهزتها الى الدرجة
التي تدخل فيها مراقب الاخوان المسلمين في الأردن المتشدد همام سعيد ليقول
(أن مقاومة السلطة أولى من مقاومة الاحتلال).
0 التعليقات:
إرسال تعليق