صامد للأنباء\مفوضية التعبئة الفكرية والدراسات رام الله
التنظيم السياسي ليس مجموعة من الأهداف الصماء التي تصلح لكل زمان ومكان، ولا مجموعة من المبادئ أو المنطلقات التي يتم حفظها أو تسميعها كما يحصل في المدرسة
عند حفظ قصيدة شعر وكفى، وليس التنظيم (المنظمة) سلسلة من الخطوات أوالمخططات التي لا تتغير أو لاتتطور.
وما كان التنظيم الثوري يوما مجموعة من الهياكل المقدسة، أو إلها من التمر نستغني عنه وقتما نشاء أو نستغله وقتما نشاء ، وما هو قطعا مجموعة من الأفكار الجامدة أو المتحجرة أبدا، لأنه سياسي ولأنه ثوري ولأنه تغييري ولأنه إنساني فهو يتضمن أفكارا نابضة ناهضة في حالة حراك واضطراب وتموّج، تأبى السكون، وهو بذلك في ثوران وتجدّد متواصل.
الحِراك أوالحركية في التنظيم السياسي تعني أن التغيير هو الأصل وليس الجمود. حيث تتجمد التنظيمات وتتكلّس وتتحجر عندما تتمسك بأهداف ما أو مبادئ فرضها واقع تهاوى فلا ترى الجديد، أو عندما تتشبث بهياكل ارتبطت بسياق زال، أوبخطط صلُحت لمرحلة انقضت، أوحين ترتبط
بشخوص شاخت عقولهم ، وهي في هذه الأحوال حتما ستعاني من صداع شديد ، وربما نزيف، وقد تكون خاتمتها واجهات المتاحف.
التغيير سمة الحياة ككل ، والتنظيم جزء من آليات الحراك البشري التي تم ابتداعها لجعل الكوادر قادرة على بناء السدود، أو حفر القنوات ما يجعل من النهر (التنظيم) يظهر في حالات متنوعة من الشدة أو التراخي ، حالة التدفق أوالانتظار ، حالة القوة وحالة التأزم ، حالة التقدم ومواقف التقهقر.
إن الحِراك في التنظيم السياسي مناقض لأمراض صمم الأهداف، وعمى الهياكل وجمود الأفكار وتأليه الأشخاص أو تنزيههم وتقديسهم كما هو دأب التنظيمات الفَكرانيّة (=الأيديولوجية) الإسلاموية منها أو العلمانوية سواء بسواء ، رغم تسرب هذا المرض الى تنظيمات أخرى، وإن في تيار منها كما في حركة فتح التي نأبى أن تسير على أثر هؤلاء.
إن شروط التنظيم الفاعل كمجموعة من المبادئ والأهداف والقيم والمنطلقات والهياكل أنها -أي الشروط- قابلة لأن تُفرَد أو تطوى كالسجل، وأنها تتطور، وعليه فإنها تُعدّل أوتثبّت أو تُلغى، ولذلك فهي قابلة للتغيير سواء بشكل جزئي أو كلّي، ومنطلق التغيير في أي تنظيم ثوري أو سياسي هو الجماهير ، وحاجاتها ونظرتها الشمولية.
الجماهير "بوعيها الجمعي" المتماهي مع قادة الرأي وفكر ألامة لا مع اندفاعات الشارع وانفلاتاته المشحونة بغضب غير منظم، هي القادرة على تحديد إتجاه البوصلة، وبالتالي فالهدف تُعاد صياغته وفق مؤشر الجماهير الصادقة النابع من عقيدتها وقيمها وانتمائها الحضاري، والقدرة التأثيرية المتبادلة بينها وبين قادة الرأي الذين يجب ألا يركنوا أو يقصّروا أويضعفوا في علاقتهم هذه مع الناس بالإتجاهين، وهنا مربط الفرس بهذه العلاقة أي أن تكون بالاتجاهين حيث التوازن بين مقدار المساهمات والعائدات بين الجماهير والقيادة، بين الجماهير والتنظيم، بين الكوادر والأعضاء ووعيهم بمتطلبات انتمائهم للتنظيم.
إن التنظيم السياسي والتنظيم الثوري خاصة يستند في ديمومته وتطوره وقوة استمراره على أسس ثلاثة إن قصر في واحدة منها فَقَدَ حركيّته واندفاعه وحُسن تدفقه، ومآله الجفاف كما يحصل مع كثير من البحيرات أو الأنهار وحتى البحار.
يشكل }التفاعل{ الأساس المتين الذي يحفظ الكتلة المائية لجريان النهر ، ويحركها في الإتجاه المعبّر عن العلاقة الاتصالية الصحيحة بين القيادة والقاعدة التي لا تنفك تتصل وتسمع وتؤثر وتتأثر بالناس في كل وقت وآن غير منقطعة عن نبض الجماهير وحاجاتها ومنطلقاتها واتجاهاتها ونظرتها التي إن خابت مرة فإنها تصيب مرات في سياق الوعي الكلي الحضاري، وفي ذات الإطار تكون "المشابهة" للقائد مع الجماهير في كل آن عامل من عوامل الجذب فلا يتميز عنها أو يتكبر أو يتعالى.
عندما طلبت إبنة جمال عبد الناصر أن تشتري ثوبا جديدا لحضور حفلة لأحد صديقاتها طلب الرئيس المصري الراحل من أحد حراسه أن يأخذها وأختها لمكان سكناه قبل أن يصبح رئيسا وأكمل المحاورة متماهيا مع الناس بالقول لاحقا: أنا رجل فقير ، وموظف بدرجة رئيس جمهورية.
وكان الخالد ياسر عرفات الذي يُغدِق على الجميع مما يَرِد للمنظمة والسلطة من أموال متقشفا إلى حدّ الزهد في ملابسه وأكله ونومه، ولا يتورع عن الاختلاط بكل فئات الشعب بمودة ومحبة صادقة، وتفاعل آني حتى أحبهم فبادلوه حبا بحب حتى الآن.
إنه بانقطاع التفاعل (وفي سياقه "المشابهة") بين القيادة والقاعدة أو بينها وبين الجماهير يتوقف النهر عن الجريان ، أو تتيبّس عروق الجسد (التنظيم) وربما تكون السكتة القلبية بالانتظار فإما الموت أو العجز ، ولربما تمر بسلام ولكنها قد لا تكون بذات الشدة في المرة التالية.
يشكل }التناغم{ الأساس الثاني في بناء ديمومة وتواصل التنظيم وضمان حيويته وجريانه ، والتناغم هو محقق العمل والإلتزام في ثلاثية الإنجاز والنجاح.
عندما يضع التنظيم (المنظمة) خُطَطه ويفعّل هياكله ويتابع مجريات الأمور في جسده (عبر هياكله وكوادره الخلاّقة) بدأب، وعندما يلتزم كل شخص أو وِحدة (إطار) بمهمته أو عمله أو واجبه وبأن ينفذ العمل على الوجه المطلوب في الزمن المطلوب والشكل المطلوب والتعاون المطلوب وبأن يستمر وبأن تتحقق الأهداف، عند ذلك يكون التناغم والتناسق هنا هو السمة الحقيقية لمثل هذا العمل.
لا يعنى وجدود تيارات أو اتجاهات أو آراء في الحركة السياسية والثورية خروجا عن مبدأ التناغم ضمن ثلاثية (العمل والإلتزام والتناغم) لتحقيق النجاح والإنجاز ، وإنما يعنى الثراء داخل التنظيم كما يعنى الرحابة، ويعني أيضا أن مساحة الحرية كبيرة الى الدرجة التي يتاح فيها للأفكار أن تتدفق وتتوالد وتتصارع وتتعدد وتتجدد في إطار الفكرة الجامعة وليس في إطار نقضها كليا، في فهم واعي لمعنى الأفكار المركزية التي تشكّل فكر التنظيم، وتلك الفرعية التي يتاح الإختلاف فيها ضمن أطروحات صلبة ونظرية منطقية أو ابداعية.
حركة فتح جعلت من أفكارها المركزية تنطلق من أركان واضحة هي الفكرة الوطنية الجامعة، والاستقلالية عن المحاور الاقليمية والعربية والعالمية، والكيانية الفلسطينية المتميزة والمتبلورة في (م.ت.ف)، والحرية والديمقراطية والتشاركية، وتحقيق الوحدة الوطنية و"العضّ عليها بالنواجذ"، والنضال والكفاح والمقاومة بكافة الأشكال حسب عوامل القوة والضعف وفي سياق رؤية استكشافية تأملية للمعسكرات وفهم المتغيرات والمستجدات، وبناء العمق العروبي، والامتداد الحضاري العروبي الاسلامي في سياق التسامح والتعددية والانفتاح.
أتاحت حركة فتح في داخلها إمكانية الاختلاف وتبادل الأفكار ، بل غضّت النظر كثيرا عن حالات ومجموعات وتيارات خالفتها، ولكنها نهضت لتحرير فلسطين من داخلها أوخارجها، في سياق الكل الوطني والكل الجامع والكل الحضاري.
بعيدا عن عدد من الحالات الشاذة سواء من خلال تيارات أو شخصيات متمردة أو انشقاقية أو إقصائية أو متجنّحة أو تخريبية فإن تربة حركة فتح استطاعت أن تكون صالحة لنمو عديد الأشجار والنباتات والأزهار التي طرحت أنواعا عدة من الفاكهة أو الثمار أو الروائح الزكية في ذات الجنّة، وفق الشعار الذي رفعه أمير الشهداء خليل الوزير (أبو جهاد) "دع ألف زهرة تتفتح في بستان الثورة".
يشكل }التوازن{ المبدأ الثالث الهام لتحقيق الاستمرار والديمومة للحركة ، ولأن الكون كُلّه بُنِي على مبدأ التوازن ، والعقل الإنساني حقيقة من حقائق الاتزان، حيث قال الله تعالى (والسماء رفعها ووضع الميزان –الرحمن7) في الكون والمجتمع وعقل الانسان، لذا فإن توازن الأهداف مع القدرة ، والحاجات مع الاستطاعة ، والتكليفات مع طبيعة الأشخاص ، والواجبات بحسب متطلبات الموقع تعتبر ذات ضرورة في التنظيم الثوري وجب الالتفات لها .
وفي النظام الداخلي للحركة أو في الدستور الحاكم لأي تنظيم من المواد النظامية ما يجب أن يحقق التوازن بين الأفكار والأطر والأشخاص، ويتبقى على الأجهزة القيادية وتلك الرقابية أن تصون التوازن بحزم وجرأة ضد أي تعدّيات أواساءات أومخالفات تطال الفكرة أو الإطار أو البرنامج أو الخطة وفق القانون ومعايير العمل المتفق عليها المنبثقة عن النظام الداخلي وقرارات المؤتمرات والأطر العليا.
إن التفاعل أولا بمعنى الاتصال المستمر بلا انقطاع بين القيادة والجماهير وبكافة مسالكه ومشابهاته ووعيه الجمعي الحضاري ، وبينها وبين الأعضاء كلٌّ وفق تخصصه وبمنطق التبادلية في الأخذ والعطاء والتأثير والتأثر ، والتناغم النابض في حركية التنظيم والمحقق لنجاحاته في ثلاثية العمل والالتزام والتناغم هذا ثانيا ، وبتحقيق التوازن ثالثا بمعنى تحقيق العدالة في التنظيم والحفاظ على حقوق كافة الأعضاء مهما علت مراتبهم أو دنت، والحفاظ على التوازن بين مكونات النظام بأفكاره والكوادر الحاملة لأعبائه، تُعَدُّ هذه الأركان الثلاثة أساس نجاح التنظيم وديمومته واستمراره ، وصيانة له من التآكل أوالاضمحلال أو الإصابة بالسكتة القلبية.
31كانون الأول 2013
التنظيم السياسي ليس مجموعة من الأهداف الصماء التي تصلح لكل زمان ومكان، ولا مجموعة من المبادئ أو المنطلقات التي يتم حفظها أو تسميعها كما يحصل في المدرسة
عند حفظ قصيدة شعر وكفى، وليس التنظيم (المنظمة) سلسلة من الخطوات أوالمخططات التي لا تتغير أو لاتتطور.
وما كان التنظيم الثوري يوما مجموعة من الهياكل المقدسة، أو إلها من التمر نستغني عنه وقتما نشاء أو نستغله وقتما نشاء ، وما هو قطعا مجموعة من الأفكار الجامدة أو المتحجرة أبدا، لأنه سياسي ولأنه ثوري ولأنه تغييري ولأنه إنساني فهو يتضمن أفكارا نابضة ناهضة في حالة حراك واضطراب وتموّج، تأبى السكون، وهو بذلك في ثوران وتجدّد متواصل.
الحِراك أوالحركية في التنظيم السياسي تعني أن التغيير هو الأصل وليس الجمود. حيث تتجمد التنظيمات وتتكلّس وتتحجر عندما تتمسك بأهداف ما أو مبادئ فرضها واقع تهاوى فلا ترى الجديد، أو عندما تتشبث بهياكل ارتبطت بسياق زال، أوبخطط صلُحت لمرحلة انقضت، أوحين ترتبط
بشخوص شاخت عقولهم ، وهي في هذه الأحوال حتما ستعاني من صداع شديد ، وربما نزيف، وقد تكون خاتمتها واجهات المتاحف.
التغيير سمة الحياة ككل ، والتنظيم جزء من آليات الحراك البشري التي تم ابتداعها لجعل الكوادر قادرة على بناء السدود، أو حفر القنوات ما يجعل من النهر (التنظيم) يظهر في حالات متنوعة من الشدة أو التراخي ، حالة التدفق أوالانتظار ، حالة القوة وحالة التأزم ، حالة التقدم ومواقف التقهقر.
إن الحِراك في التنظيم السياسي مناقض لأمراض صمم الأهداف، وعمى الهياكل وجمود الأفكار وتأليه الأشخاص أو تنزيههم وتقديسهم كما هو دأب التنظيمات الفَكرانيّة (=الأيديولوجية) الإسلاموية منها أو العلمانوية سواء بسواء ، رغم تسرب هذا المرض الى تنظيمات أخرى، وإن في تيار منها كما في حركة فتح التي نأبى أن تسير على أثر هؤلاء.
إن شروط التنظيم الفاعل كمجموعة من المبادئ والأهداف والقيم والمنطلقات والهياكل أنها -أي الشروط- قابلة لأن تُفرَد أو تطوى كالسجل، وأنها تتطور، وعليه فإنها تُعدّل أوتثبّت أو تُلغى، ولذلك فهي قابلة للتغيير سواء بشكل جزئي أو كلّي، ومنطلق التغيير في أي تنظيم ثوري أو سياسي هو الجماهير ، وحاجاتها ونظرتها الشمولية.
الجماهير "بوعيها الجمعي" المتماهي مع قادة الرأي وفكر ألامة لا مع اندفاعات الشارع وانفلاتاته المشحونة بغضب غير منظم، هي القادرة على تحديد إتجاه البوصلة، وبالتالي فالهدف تُعاد صياغته وفق مؤشر الجماهير الصادقة النابع من عقيدتها وقيمها وانتمائها الحضاري، والقدرة التأثيرية المتبادلة بينها وبين قادة الرأي الذين يجب ألا يركنوا أو يقصّروا أويضعفوا في علاقتهم هذه مع الناس بالإتجاهين، وهنا مربط الفرس بهذه العلاقة أي أن تكون بالاتجاهين حيث التوازن بين مقدار المساهمات والعائدات بين الجماهير والقيادة، بين الجماهير والتنظيم، بين الكوادر والأعضاء ووعيهم بمتطلبات انتمائهم للتنظيم.
إن التنظيم السياسي والتنظيم الثوري خاصة يستند في ديمومته وتطوره وقوة استمراره على أسس ثلاثة إن قصر في واحدة منها فَقَدَ حركيّته واندفاعه وحُسن تدفقه، ومآله الجفاف كما يحصل مع كثير من البحيرات أو الأنهار وحتى البحار.
يشكل }التفاعل{ الأساس المتين الذي يحفظ الكتلة المائية لجريان النهر ، ويحركها في الإتجاه المعبّر عن العلاقة الاتصالية الصحيحة بين القيادة والقاعدة التي لا تنفك تتصل وتسمع وتؤثر وتتأثر بالناس في كل وقت وآن غير منقطعة عن نبض الجماهير وحاجاتها ومنطلقاتها واتجاهاتها ونظرتها التي إن خابت مرة فإنها تصيب مرات في سياق الوعي الكلي الحضاري، وفي ذات الإطار تكون "المشابهة" للقائد مع الجماهير في كل آن عامل من عوامل الجذب فلا يتميز عنها أو يتكبر أو يتعالى.
عندما طلبت إبنة جمال عبد الناصر أن تشتري ثوبا جديدا لحضور حفلة لأحد صديقاتها طلب الرئيس المصري الراحل من أحد حراسه أن يأخذها وأختها لمكان سكناه قبل أن يصبح رئيسا وأكمل المحاورة متماهيا مع الناس بالقول لاحقا: أنا رجل فقير ، وموظف بدرجة رئيس جمهورية.
وكان الخالد ياسر عرفات الذي يُغدِق على الجميع مما يَرِد للمنظمة والسلطة من أموال متقشفا إلى حدّ الزهد في ملابسه وأكله ونومه، ولا يتورع عن الاختلاط بكل فئات الشعب بمودة ومحبة صادقة، وتفاعل آني حتى أحبهم فبادلوه حبا بحب حتى الآن.
إنه بانقطاع التفاعل (وفي سياقه "المشابهة") بين القيادة والقاعدة أو بينها وبين الجماهير يتوقف النهر عن الجريان ، أو تتيبّس عروق الجسد (التنظيم) وربما تكون السكتة القلبية بالانتظار فإما الموت أو العجز ، ولربما تمر بسلام ولكنها قد لا تكون بذات الشدة في المرة التالية.
يشكل }التناغم{ الأساس الثاني في بناء ديمومة وتواصل التنظيم وضمان حيويته وجريانه ، والتناغم هو محقق العمل والإلتزام في ثلاثية الإنجاز والنجاح.
عندما يضع التنظيم (المنظمة) خُطَطه ويفعّل هياكله ويتابع مجريات الأمور في جسده (عبر هياكله وكوادره الخلاّقة) بدأب، وعندما يلتزم كل شخص أو وِحدة (إطار) بمهمته أو عمله أو واجبه وبأن ينفذ العمل على الوجه المطلوب في الزمن المطلوب والشكل المطلوب والتعاون المطلوب وبأن يستمر وبأن تتحقق الأهداف، عند ذلك يكون التناغم والتناسق هنا هو السمة الحقيقية لمثل هذا العمل.
لا يعنى وجدود تيارات أو اتجاهات أو آراء في الحركة السياسية والثورية خروجا عن مبدأ التناغم ضمن ثلاثية (العمل والإلتزام والتناغم) لتحقيق النجاح والإنجاز ، وإنما يعنى الثراء داخل التنظيم كما يعنى الرحابة، ويعني أيضا أن مساحة الحرية كبيرة الى الدرجة التي يتاح فيها للأفكار أن تتدفق وتتوالد وتتصارع وتتعدد وتتجدد في إطار الفكرة الجامعة وليس في إطار نقضها كليا، في فهم واعي لمعنى الأفكار المركزية التي تشكّل فكر التنظيم، وتلك الفرعية التي يتاح الإختلاف فيها ضمن أطروحات صلبة ونظرية منطقية أو ابداعية.
حركة فتح جعلت من أفكارها المركزية تنطلق من أركان واضحة هي الفكرة الوطنية الجامعة، والاستقلالية عن المحاور الاقليمية والعربية والعالمية، والكيانية الفلسطينية المتميزة والمتبلورة في (م.ت.ف)، والحرية والديمقراطية والتشاركية، وتحقيق الوحدة الوطنية و"العضّ عليها بالنواجذ"، والنضال والكفاح والمقاومة بكافة الأشكال حسب عوامل القوة والضعف وفي سياق رؤية استكشافية تأملية للمعسكرات وفهم المتغيرات والمستجدات، وبناء العمق العروبي، والامتداد الحضاري العروبي الاسلامي في سياق التسامح والتعددية والانفتاح.
أتاحت حركة فتح في داخلها إمكانية الاختلاف وتبادل الأفكار ، بل غضّت النظر كثيرا عن حالات ومجموعات وتيارات خالفتها، ولكنها نهضت لتحرير فلسطين من داخلها أوخارجها، في سياق الكل الوطني والكل الجامع والكل الحضاري.
بعيدا عن عدد من الحالات الشاذة سواء من خلال تيارات أو شخصيات متمردة أو انشقاقية أو إقصائية أو متجنّحة أو تخريبية فإن تربة حركة فتح استطاعت أن تكون صالحة لنمو عديد الأشجار والنباتات والأزهار التي طرحت أنواعا عدة من الفاكهة أو الثمار أو الروائح الزكية في ذات الجنّة، وفق الشعار الذي رفعه أمير الشهداء خليل الوزير (أبو جهاد) "دع ألف زهرة تتفتح في بستان الثورة".
يشكل }التوازن{ المبدأ الثالث الهام لتحقيق الاستمرار والديمومة للحركة ، ولأن الكون كُلّه بُنِي على مبدأ التوازن ، والعقل الإنساني حقيقة من حقائق الاتزان، حيث قال الله تعالى (والسماء رفعها ووضع الميزان –الرحمن7) في الكون والمجتمع وعقل الانسان، لذا فإن توازن الأهداف مع القدرة ، والحاجات مع الاستطاعة ، والتكليفات مع طبيعة الأشخاص ، والواجبات بحسب متطلبات الموقع تعتبر ذات ضرورة في التنظيم الثوري وجب الالتفات لها .
وفي النظام الداخلي للحركة أو في الدستور الحاكم لأي تنظيم من المواد النظامية ما يجب أن يحقق التوازن بين الأفكار والأطر والأشخاص، ويتبقى على الأجهزة القيادية وتلك الرقابية أن تصون التوازن بحزم وجرأة ضد أي تعدّيات أواساءات أومخالفات تطال الفكرة أو الإطار أو البرنامج أو الخطة وفق القانون ومعايير العمل المتفق عليها المنبثقة عن النظام الداخلي وقرارات المؤتمرات والأطر العليا.
إن التفاعل أولا بمعنى الاتصال المستمر بلا انقطاع بين القيادة والجماهير وبكافة مسالكه ومشابهاته ووعيه الجمعي الحضاري ، وبينها وبين الأعضاء كلٌّ وفق تخصصه وبمنطق التبادلية في الأخذ والعطاء والتأثير والتأثر ، والتناغم النابض في حركية التنظيم والمحقق لنجاحاته في ثلاثية العمل والالتزام والتناغم هذا ثانيا ، وبتحقيق التوازن ثالثا بمعنى تحقيق العدالة في التنظيم والحفاظ على حقوق كافة الأعضاء مهما علت مراتبهم أو دنت، والحفاظ على التوازن بين مكونات النظام بأفكاره والكوادر الحاملة لأعبائه، تُعَدُّ هذه الأركان الثلاثة أساس نجاح التنظيم وديمومته واستمراره ، وصيانة له من التآكل أوالاضمحلال أو الإصابة بالسكتة القلبية.
31كانون الأول 2013
0 التعليقات:
إرسال تعليق