صامد للأنباء -
منذ ثلاثين عاما زرعت منظمة التحرير الفلسطينية
استثمارا سياسيا ضخما في العلاقة مع الولايات المتحدة الامريكية ، وبدأ
الامر بعد منتصف الثمانينيات وظهر الى العلن بعد مؤتمر مدريد عام 1991 ووصل
ذروته وطرح ثماره عند توقيع اتفاق اوسلو في الحديقة الخلفية للبيت الابيض
عام 1993 . ودأب الفلسطينيون على ذلك ربع قرن حتى وصلنا الى نتيجة الى شجرة
امريكا عاقر ولا تطرح ثمار السلام ولا الصداقة أبدا .
المقربون
من الرئيس لم ينفكوا يذكرون ما قاله الرئيس حسني مبارك للرئيس عباس في اخر
لقاء لهما : ان أي زعيم عربي يتدفأ بامريكا سيبقى بردان ، وان أي زعيم
عربي يتغطى بامريكا سيبقى عريان . ونستطيع ان نتخيل مدى تأثير كلمات الرئيس
المخلوع مبارك على الرئيس ابو مازن من خلال خطاباته اللاحقة ، حيث كف ابو
مازن عن التعويل على الولايات المتحدة في اي شئ ، بل وحين ظهرت وثائق
ويكليكس للملأ ، سارعت انا لسؤاله عن الامر فابتسم وقال : ان الذي يخفي
شيئا عن شعبه يتحمل مسؤوليته . ولم يستغرب أبدا التسريبات الامريكية عن
زعماء الشرق الاوسط .
الشعب الفلسطيني لا يكنّ
أي عداء للولايات المتحدة الامريكية ، بل ان أكثر عمل قامت به الثورة
الفلسطينية والانتفاضات كلها ، انها كانت تحرق العلم الامريكي في بعض
التظاهرات من شدة الغضب ، لكن وطوال مئة عام مضت لم تستهدف منظمة التحرير
وفصائلها ، ولا التنظيمات الاسلامية وفروعها اي مواطن امريكي او مسؤول او
شركة او سفارة لامريكا . بل حافظت على احترام علاقة صداقة من طرف واحد .
ورغم ان امريكا تناصب العداء للشعب الفلسطيني من خلال دعم مطلق لجميع جرائم
الاحتلال وفي جميع المحافل الدولية ، الا ان الشعب الفلسطيني لا يزال
يراهن على " صحوة ضمير " قد تعيد الحق والعدالة الى هذه العلاقة .
الرئيس
عباس الذس يمارس السياسة منذ 55 عاما ، يأس من واشنطن ، ومن الحزب
الجمهوري والحزب الديموقراطي اللذان يحتكران صوت الناخب الامريكي بقوة
المال والاعلام . ويبدو أنه وصل الى نتيجة ان واشنطن خلعت سروالها لتل ابيب
وقطعت كل خطوط الرجعة . ولذلك ومنذ العام 2008 كف عن التعويل على اي حل
يأتي من واشنطن ، وان اي تدخل أمريكا انما سيتسبب في تدمير جهود السلام
وتخريب افاق الحل ، لان شركات السلاح واصحاب الكارتيلات هناك يستثمرون
حياتهم في بقاء الصراع القائم بين العرب واليهود .
في
العام 2013 حاول الرئيس الامريكي باراك اوياما ان يكسر هذا القاعدة ، ووعد
بتدخل مباشر لاعادة قطار المفاوضات الى سكته ، لكن نتانياهو ويعلون أهانا
اوباما بشكل شخصي وحفرا ضده حد وصل الامر بنتانياهو ان يذهب الى واشنطن
ويخطب ضد اوباما . كما تعمّد نتانياهو ويعلون الى كسر انف جون كيري وتحقيره
في كل مرة هبطت طائرته في مطار اللد .
واليوم يستطيع السفير
الامريكي في تل ابيب أن يقرأ هذه المقالة ويضحك حتى يملأ صوته الغرفة ، وأن
يقول ( ومن هي فلسطين حتى تتأثر بها امريكا العظمى ) . ولكن التاريخ أثبت
كل مرة ان ما يرفضه الفلسطينيون سيرفضه العرب ، ويرفضه المسلمون ، ويرفضه
احرار العالم . وانها مسألة وقت حتى يصار الى طرد السفير الامريكي من جميع
العواصم العربية .
اليوم نستطيع ان نقول ان الرئيس عباس حرّر
نفسه وحرّرنا من هذه العلاقة الفاشلة . وأن نقول " وداعا للاحتكار الامريكي
لعملية السلام ومرحا بكل احرار العالم ودعاة السلام الدولي . وبالنسبة
لجائزة نوبل للسلام التي حصل عليها اوباما ، يستطيع اوباما ان يضعها في
طيره ، وطيره هو طائرة F35 التي أرسلها امس الى تل ابيب .



0 التعليقات:
إرسال تعليق