صامد للأنباء -
بقلم: عمر حلمي الغول
دخلت الفاشية الصهيونية منعطفا جديدا مع إقدام قطعان
المستوطنين الإسرائيليين على حرق منزل سعد ومأمون دوابشة في قرية دوما
بنابلس، وحرق الرضيع علي، ابن العام ونصف العام حتى الموت، وحرق اربعة
آخرين من ذويه.
تأتي هذه المحرقة في قرية دوما متلازمة مع إعلان نتنياهو
شخصيا عن بناء 800 وحدة استيطانية في الضفة، منها 300 وحدة استيطانية في
مستوطنة بيت إيل، الجاثمة على اراضي محافظة رام الله والبيرة، إرضاء لجشع
المستوطنين ورئيس حزب البيت اليهودي، نفتالي بينيت ونائبه، اوري اريئيل،
الذي اقتحم على رأس مجموعة من المستوطنين المتوحشين قبل يومين باحات المسجد
الاقصى، وفي لعبة هزلية مفضوحة بين الائتلاف الحكومي اليميني المتطرف
وقطعان المستوطنين والمحكمة العليا، التي أخيرا وافقت على هدم عمارتي
دراينوف، لانها من وجهة نظر قضاة التطهير العرقي الاسرائيلي، تفضح
"الديمقراطية"، التي تتغنى بها اسرائيل امام الغرب، وليس لأن كل وحدة
استيطانية مقامة على الارض الفلسطينية منافية لابسط القوانين والمواثيق
الدولية.
هذه السياسة اليمينية المتطرفة لحكومة نتنياهو، وريثة النازية
الالمانية والفاشية الايطالية، والمجددة لولادتها على انقاض جثث ودماء
ابناء الشعب العربي الفلسطيني، ما كان لها ان تستشري وتستعر في الارض
العربية الفلسطينية لولا صمت ودعم اميركا واوروبا والعالم ككل بمن فيهم اهل
النظام الرسمي العربي. والافتراض ان بيانات الادانة والشجب لدولة الاحتلال
والعدوان الاسرائيلية، ليست إلا للتغطية على تواطؤ العالم الغربي مع
إسرائيل، لانه عالم استند في بناء حضارته على الاستيطان القديم والجديد،
ويرى في إسرائيل امتدادا لسياساته التقسيمية والتمزيقية لشعوب الامة
العربية، فضلا عن دورها كخندق امامي لخدمة اهداف الغرب ككل واميركا خصوصا،
التي ما فتئت تتساوق مع السياسات الجهنمية الاسرائيلية، وتقدم كل اشكال
الدعم والمساندة لها في كافة المنابر دون حرج، وتغطي عوراتها باساليب بالية
وممزقة.
محرقة الطفل علي دوابشة وعائلته في دوما، ليس المستوطنين
الفاشيين، هم وحدهم الفاعلون للمحرقة، بل دورهم يكمن في تنفيذ الجريمة، لكن
شركاءهم معرفون في رأس حكومة اسرائيل، في ظل صمت اميركي واوروبي، بل
وادانات من باب الضحك على دقون الفلسطينيين، لالهائهم وترويضهم لقبول الامر
الاستيطاني الواقع.
وان كانت اوروبا فعلا ضد الاستيطان الاسرائيلي، ومعنية بخيار
حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، ومع عودة اللاجئين
الفلسطينيين لارضهم وديارهم في الجليل والمثلث والنقب، عليهم التمايز الكلي
عن سياسة الولايات المتحدة، والمضي قدما نحو محاكمة قادة الدولة
الاسرائيلية امام المحاكم الاوروبية ومحكمة الجنايات الدولية، وفرض
العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية عليها، لالزامها باستحقاقات عملية السلام
وخيار الدولتين، وتأمين الحماية الدولية لابناء الشعب العربي الفلسطيني.
إسرائيل الفاشية والنازية، ليست فوق القانون الدولي إلا بفضل
سياسة الكيل بمكيالين من قبل الغرب عموما واميركا وخصوصا، وآن الآوان الآن
وليس غدا او بعد غد للرد على المحرقة الاسرائيلية. وهذه الدعوة ليست متطيرة
ولا نتاج ردة فعل ساذجة او نتاج تغييب الواقع المعقد المحيط بالقضية
والشعب الفلسطيني، بل لأن الاحتلال الاجرامي والبشع وقطعان مستوطنيه القتلة
والفاشيين، لا يمكن ان يتوقف إلا بمقدار ما يحسن الشعب وقواه السياسية
الدفاع عن النفس، عندها سيشعر المستوطنون، ان مصيرهم على كف عفريت، وان ثمن
الاحتلال والاستيطان مكلف جدا. فهل نمتشق الحق بيدنا ونخرج عن المألوف في
الدفاع عن انفسنا؟
0 التعليقات:
إرسال تعليق