صامد

صامد

الأحد، 8 مارس 2015

الرئيس لـ'الرياض' السعودية: المملكة تتصرف بحكمة واتزان ومصدر من مصادر قوتنا

صامد للأنباء -

 أكد رئيس دولة فلسطين محمود عباس الدور المحوري والهام الذي تضطلع به المملكة العربية السعودية في دعمها ومساندتها للقضية الفلسطينية في مختلف الظروف والأوقات، و'هي مصدر هام من مصادر قوتنا ودعمنا'. 
وقال سيادته، في حوار مع جريدة 'الرياض' السعودية نشر اليوم، إن المسؤولين الإسرائيليين يعيشون حالة هستيرية بعد انضمام فلسطين لمحكمة الجنايات الدولية التي شكلت ضغطا على حكومة الاحتلال التي تشدد سياسة العقاب الجماعي التي تستخدمها ضد الشعب الفلسطيني، مبينا أننا ماضون من أجل إسقاط شرعية الاحتلال والاستيطان، ولتحقيق الحقوق الوطنية المشروعة والمعترف بها دوليا، وأن ملفات الإدانة لمجرمي الاحتلال ستقدم إلى المحكمة الدولية.
وشدد الرئيس، على أنه لا سلام مع إسرائيل في ظل استمرار جرائم القتل والعدوان التي تمارسها، وآخرها ما قامت به في غزة، مشيرا إلى أن الاحتلال يمارس عملية سطو وسرقة أموال الشعب الفلسطيني ما أوقع أضرارا فادحة بشعبنا الفلسطيني، اضطرت على أثره الحكومة إلى لاستدانة من البنوك الخاصة لصرف رواتب الموظفين في الأشهر الثلاثة الماضية. 

وفيما يلي نص الحوار:
س: فخامة الرئيس دعنا في بداية هذا الحوار الذي خصصت به صحيفة 'الرياض' أن نتحدث عن البوصلة السياسية التي تسير عليها السلطة بعد رفض مجلس الأمن للمشروع الفلسطيني بإنهاء الاحتلال، وقراركم بالانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية، خاصة في ظل حالة التصعيد الإسرائيلي وانتهاكاتها على الأرض؟.
- شكرا لك أخي أحمد، دعني أؤكد لك أن الذي يحدد طبيعة مشروعنا السياسي هي أهدافنا الوطنية المرتبطة أساسا بحقنا الطبيعي بتقرير المصير، واستعادة حقوقنا واستقلالنا الوطني، هذه هي بوصلة مشروعنا، هكذا كانت بالأمس، وهي كذلك اليوم وستستمر إلى أن نظفر بهذه الحقوق، وبخصوص سؤالك عن مشروعنا الراهن، فإنه يجمع عدة عناصر وخيارات نتحرك فيها وفقا للظروف المحيطة، مستندين إلى عدالة قضيتنا أولا، وإلى تفهم ودعم دولي وتضامن غير مسبوق لمطالبنا المشروعة، ورغم جميع الصعوبات والعراقيل فإن خياراتنا ليست مغلقة، فنضالنا سيبقى مفتوحاً، دعني أعطيك مثالا عندما ذهبنا لمجلس الأمن، كان لدينا وعود من تسعة دول أن تقف إلى جانبنا، وواحدة من هذه الدول تراجعت قبل ساعة أو نصف الساعة من الجلسة، بفعل الضغوط وفشل التصويت، فماذا فعلنا نحن؟ قررنا فورا اللجوء للخيار الآخر وهو الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية ومنظمات دولية أخرى، هذا ما نقوم به على الصعيد السياسي والدبلوماسي، لكننا على الأرض لدينا المقاومة الشعبية التي نواجه بها يوميا ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، ونقاوم في القدس لحماية حقوقنا ومقدساتنا والحرم القدسي الشريف، ونقاوم على كل شبر في الأرض الفلسطينية للدفاع عنها والمحافظة على عروبتها، وطبيعة الصراع تفرض علينا أن نخوض نضالا مركبا ومعقدا، ونحتاج إلى وقت وصبر لنقطف الثمار، وأود أن أنوه هنا إلى أن تصويت مجلس الأمن المشار له ليس خاتمة المطاف، فهناك قرارا عربيا تم التوافق عليه بالتوجه إلى المجموعات الجيوسياسية الدولية والإقليمية لحشد الدعم والتأييد للموقف الفلسطيني وعند نضوج هذه المشاورات سنقدم مشروع القرار مرة أخرى.

س: وأنتم تُقدمون على هذه المبادرة السياسية ما هي أبرز المكاسب التي ستحققها القضية الفلسطينية بعد الانضمام لمحكمة الجنايات الدولية؟.
- أبرز المكاسب من خطوة انضمامنا لمحكمة الجنايات الدولية، هو ألا تبقى إسرائيل دولة فوق القانون والمحاسبة، وهو الواقع الذي كان وما زال سائدا، ولكي لا يكون لدينا أوهام .. هذه محكمة دولية، يمكن لأي طرف أن يلجأ إليها بمعنى كما نلجأ نحن لها يمكن للإسرائيليين أن يلجؤوا إليها، لكن الجرائم التي ارتكبت بحق شعبنا معروفة وموثقة، وإذا عجزت المنظمات الدولية سابقاً عن تنفيذ قراراتها، وتوصياتها، فإن لمحكمة الجنايات الدولية وكالة وتفويض لجلب من ارتكبوا جرائم بحق شعبنا إلى ساحة العدالة الدولية ليحاكموا على ما اقترفت أيديهم.

س: ما الملفات التي ستقدمونها إلى المحكمة ومن الشخصيات التي سوف تُدينونها هناك؟.
-لقد شكلنا هيئة عمل من القانونيين والمختصين، وهذه الهيئة بدأت بعملها في إعداد الملفات، وتقوم بجمع الشهادات بطريقة مهنية، لكن دعني أؤكد لك بأن هذه العملية معقدة وتحتاج إلى دقة في اختيار الحالات، وتصنيفها حسب خطورتها وجدوى طرحها أمام المحكمة الدولية، ولا شك بأن موضوع الاستيطان سيكون في مقدمة القضايا التي سنتقدم بها للمحكمة، لأن الاستيطان جريمة حرب مكتملة الأركان.

س: هل تعتقدون بأن الانضمام لمحكمة الجنايات الدولية والهيئات الدولية الأخرى ستشكل عامل ضغط على القيادات الإسرائيلية وترغمهم على تغيير مواقفهم؟.
هدفنا ليس الضغط لمجرد الضغط، نحن في نهاية الأمر نريد إسقاط شرعية الاحتلال والاستيطان، ونريد تحقيق حقوقنا الوطنية المشروعة والمعترف بها دوليا، ومع ذلك بالتأكيد شكل انضمامنا للمحكمة ضغطا كبيرا وحقيقيا على إسرائيل، والدليل ردة فعلها الهستيرية، بدليل تشديد سياسة العقاب الجماعي التي يستخدمونها ضد الشعب الفلسطيني، بدليل أن حكومة الاحتلال قررت حجز أموالنا الخاصة بنا من الضرائب والجمارك التي نجنيها وفق اتفاقات سابقة مقابل عمولة تبلغ 3%، كما نلمس أن خطوتنا شكلت ضغطا عليهم، من خلال حملة التحريض المسعورة التي يقومون بها وما يقوله ليبرمان عنا 'الإرهابي الدبلوماسي' ليس إلا نموذجاً لهذه الهستيريا، كما أود أن أشير إلى أن هناك تطوراً في الرأي العام العالمي وبخاصة الأوروبي نتيجة لسياسة وممارسة الاحتلال، وإصرار الحكومة الإسرائيلية على التمسك بالسياسة القائمة على التهويد والاستيطان وانتهاك كافة حقوق شعبنا وإدارة الظهر لجميع الاتفاقات والتنكر لمبدأ حل الدولتين.

س:كيف ستتعامل القيادة الفلسطينية مع هذه الورقة، وهل سوف تستخدمها كورقة ضغط ومساومة في التفاوض؟.
لا هذه ليست ورقة للمساومة فنحن نستخدم حقنا القانوني والشرعي في محاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين، لأننا ندرك أن المدخل الجدي لأي سلام حقيقي هو إجبار إسرائيل على وقف هذه الجرائم، فلا يمكن التفكير بالسلام مع استمرار هذه الجرائم، والتي كان آخرها في الصيف الماضي خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي شاهدنا فيه الحجم الهائل من الدمار وقتل النساء والأطفال بالجملة، هذا أمر لم يعد مقبولا واستمرار جريمة الاستيطان واقتحامات المسجد الأقصى المبارك وغيرها من الجرائم.

س: كيف تنظرون إلى إعلان الولايات المتحدة بأن فلسطين غير مؤهلة للانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية؟ وإلى تهديد الكونغرس بوقف المساعدات التي تقدم إلى السلطة؟.
-إن الوقائع الماثلة اليوم هي أن فلسطين أصبحت منذ عام 2012 دولة غير عضو في الأمم المتحدة، وبذلك أصبح من حقها وفق القانون الدولي الانضمام لسائر المنظمات والمعاهدات والاتفاقات الدولية، وقد أعلن رئيس محكمة الجنايات الدولية السيد بنسودا بأن فلسطين ستصبح عضواً كامل العضوية في هذه المحكمة ابتداء من مطلع شهر أبريل/نيسان المقبل، وبالتالي فإن أي محاولة للالتفاف على هذه الحقائق لن يفيد، وقد قلنا مراراً بأن الاعتراف بدولتنا والانضمام إلى محكمة الجنايات وغيرها من المؤسسات الدولية لا يعني بأي حال من الأحوال تخلينا عن التزاماتنا وعن الاتفاقيات الموقعة وعن المفاوضات خياراً على قاعدة الشرعية الدولية، ولكن عندما تدير إسرائيل ظهرها لخيار المفاوضات وتنفذ على الأرض هذه الهجمة الاستيطانية المسعورة، وترفض إطلاق سراح أسرانا البواسل، من دون أي رادع، فلن نبقى مكتوفي الأيادي في مواجهة هذا الواقع، أما بالنسبة للمساعدات فنحن نأمل ألا تصل الأمور إلى حد معاقبة شعبنا بقطعها، لأننا نعتقد بأن الولايات المتحدة كراعية لعملية السلام، ومعنية بأمن واستقرار المنطقة، فإننا نفترض بأنها لن تقدم على هذه الخطوة، ولكن في مطلق الحالات، فإن حقوقنا ومستقبل شعبنا ومصيره الوطني ليس مطروحاً للمقايضة.

س: ما حجم الأضرار التي لحقت بالشعب الفلسطيني جراء حجز إسرائيل لأموال الضرائب؟.
- إن السطو الإسرائيلي على أموال الشعب الفلسطيني هي عملية سرقة في وضح النهار، وهي بحد ذاتها جريمة ألحقت أضرارا فادحة وقعت على المواطن الفلسطيني وعلى الاقتصاد الفلسطيني، هذه الأموال التي تحتجزها إسرائيل هي أموالنا، وهي مخصصة لرواتب موظفي السلطة الوطنية، لقد اضطرت السلطة في الثلاثة أشهر السابقة إلى الاستدانة من البنوك الخاصة، ولا يلوح في أفق هذه الأزمة حتى الآن حلاً فنحن نتوقع أن يستمر هذا الحجز لعدة أشهر قادمة.

س: كيف تنظر السلطة إلى الدور السعودي ومدى أهميته سياسيا للقضية؟.
- السعودية دولة محورية في المنطقة والعالم، لها وزنها وثقلها والمهم في هذا الدور المحوري بأن القيادة السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، تتصرف بحكمة واتزان لما فيه مصلحة الأمة العربية والأمثلة كثيرة على ذلك.
بالنسبة للقضية الفلسطينية الشعب الفلسطيني يدرك ويلمس الموقف الثابت والمبدئي للسعودية منذ نشأة هذه القضية، فهذا الموقف صاغه مؤسس المملكة الملك الراحل عبد العزيز آل سعود فالمملكة تقف وفي كل المناسبات والمنعطفات إلى جانبنا وجانب قضيتنا على المستوى السياسي والمالي، والدور السعودي الأخوي سيبقى محفوراً في ذاكرة الشعب الفلسطيني على مر الأزمان. وبما يخص نظرتنا فنظرة القيادة الفلسطينية، ترى في السعودية وقيادتها مصدرا هاما من مصادر قوتنا ودعمنا، لذلك نعتبر الشقيقة السعودية ركناً أساسياً وحاسماً في الإستراتيجية السياسية الفلسطينية.

س: ما هي أبرز الملفات والمواضيع التي تم تناولها في اجتماعكم مع خادم الحرمين؟.
- لقد تباحثنا أنا وأخي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في عدة ملفات وفي مقدمتها الملف الفلسطيني، والمخاطر التي يواجهها الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية في هذه المرحلة الخطيرة التي تمر بها أمتنا العربية، وتباحثنا في كيفية مواجهة هذه المخاطر، إضافة إلى واقع الأمة العربية وسبل حماية مصالحها العليا في هذا الوقت الصعب والمعقد، كيفية التصدي للمخاطر والأطماع متعددة الوجوه التي تواجهها الأمة، سواء تلك التي تأتي من الإرهاب والتطرف أو من أي جهة أخرى.

س: في نهاية الحوار نشكركم فخامة الرئيس على إتاحة الفرصة لـ'الرياض' لإجراء هذا الحوار؟.
-الشكر لكم في جريدة 'الرياض'على اهتمامكم ومساندتكم ودعمكم للقضية الفلسطينية مع تمنياتي لكم بالتوفيق.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

فلسطيني وأفتخر

فلسطيني وأفتخر