صامد

صامد

الاثنين، 7 مارس 2016

الذكرى ال 28 عام على عملية ديمونه البطولية

صامد للأنباء -

قيادة وتخطيط الشهيد القائد خليل الوزير " ابو جهاد"
 

فى السابع من آذار عام 1988 انطلقت مجموعة فدائية كانت على موعد بأن تروى بدمائها صحراء النقب الصامتة و بدماء هؤلاء الأبطال الثلاثة :-
الشهيد البطل محمد خليل صالح الحنفى - الشهيد البطل محمد عبد القادر محمد
الحسينى وقائد العملية الشهيد البطل عبد الله عبد المجيد كلاب .
قرر هؤلاء الأبطال اقتحام مفاعل ديمونا الذرى بعد أن صادق على هذه العملية قائد فتح والرجل الثانى فيها الشهيد خليل الوزير .
بعد تخطيط وإعداد محكم من قبل قيادة الثورة الفلسطينية استطاع هؤلاء الفرسان الثلاثة الذين سطروا بدمائهم الزكية أرض النقب تمكنوا من تسطير أكبر ملحمة بطولية لم يجرؤ عليها كبرى دول العالم لا بالتنفيذ ولا حتى بالتفكير والسبب يعود فى ذلك للإجراءات الأمنية المعقدة التي تحيط هذا المفاعل النووى الذي يحيط قطره ب50 كلم معزة بحواجز عسكرية ثابتة ومتحركة وكلما اقتربنا من حدود المفاعل الذرى ازدادت التعقيدات الأمنية لتصل إلى حد أجهزة الاستشعار الحسي التى تحسب كمية النفس لدى الإنسان .
وهذه الإجراءات الأمنية هى إجراءات تحسبية لأى نوع من أنواع الاختراقات المعادية
كما أن المفاعل النووى نفسه محصن بنائياً بالبيتون المسلح ضد القصف الجوى وجميع أقسامه الحيوية مغمورة تحت الأرض بستة طوابق كاملة
سماء ديمونا محروسة بشكل دائم بشبكة رادارات حديثه

شبكة دفاعات ارضية صاروخيه منصات صواريخ هوك معدلة هذا فضلاً عن أسراب من طائرات الاعتراض الجاهزة باستمرار للعمل انطلاقاً من مطار ديمونا المشرف على المفاعل
كما أن ديمونا تدخل ضمن النقاط الأكثر حيوية التى تتوفر لها إمكانيات الإنذار المبكر بعيد المدى بواسطة طائرات رادارية .
رغم كل هذا الذى ذكرناه من معوقات يكاد أن يكون مجرد التفكير فى هذه العملية مجرد لمحة حلم عند البعض
ولكنها كانت عند ابو جهاد خليل الوزير حقيقة وهدف ثابت لا بد الوصول اليه وعندما وقع اختياره على طاقم العملية قرر هولاء الفرسان تنفيذ الأمر الذي أتاهم دون التفكير للحظه بأنهم سيعودون بل استعدوا للشهادة التى طلبوها عند تلبية النداء.
هذه هى قيم الثورة وقيم المناضلين الشرفاء الذين ضحوا بأرواحهم وأنفسهم من أجل فلسطين لا من أجل رتب وهمية ومناصب فخرية وكراسى حكومية إنهم أبطال فلسطين أبنائها الأغرار يمرون على بلدة نفحه ويقرأون السلام عليها
نفحه التى تضم سجن نفحة العنصري والاضطهادى الذى دشنته قوات الاحتلال فى 2 مايو عام 1980 وهذا السجن هو بوابة من بوابات الجحيم التى يعيشها معتقلينا البواسل إلا أن معتقينا الأبطال رفضوا رفضا قاطعا ان تنكسر إرادتهم او تنسحق روحهم أمام اساليب القمع والتعذيب التى تمارسها آلة البطش الصهيونية .
وعبر الفرسان الثلاثة الى مثلث عرعر بعد أن اخترقوا حاجزاً للشرطة الاسرائيلية والجيش عند منطقه تدعى يروحام وهى تقع الى الجنوب على بعد 25 كليو متر من مدينة بئر السبع وهى المدينة التى اقيمت على أنقاض قرية فلسطينينة اسمها تل رحمه بعد ان احتلتها افواج العصابات الصهيونية الهاجانه عام 1951 .

الهدف
لم يكن هناك خيار آخر أمام ابو جهاد إلا التخطيط لهذه العملية ، وأعطى الأوامر لرفاقه للقيام هذه العملية البطولية والذي كان هدفها مفاعل ديمونا الذرى .
المطلوب تحرير 9000 آلاف أسير فلسطينى اعتقلتهم سلطات الاحتلال الصهيونية فى انتفاضة الحجارة الباسلة عام 1986
الامنيات لدى المقاومين الابطال الحج الى الرملة فى حتا اقامة العرس فى اسدود بعد انقضاء مهمة ديمونا .

كانت تفصل ابطال عملية ديمونا عن مكان المفاعل سبعة كليو مترات لتصل المجموعة الفدائية الى هدفها بعد ان استولت على اتوبيس ينقل ضباطا وعاملين وفنيين الى المفاعل كل يوم وبعد ان احكم هؤلاء الابطال سيطرتهم على الباص انطلقوا به مسرعين باتجاه الهدف الذى اتوا من اجله ولكن اعتراض الطائرات الحربية المقاتلة للباص واطلاق النار عليه ادى الى فتح المعركة قبل الوصول الى الهدف وفتحت قوات الاحتلال النار على المقاومين الذين خاضوا أشرس معركة بطولية مزودين ب3 رشاشات متواضعة وعدد من القنابل اليدوية و450 طلقه مقابل طائرات حربيه ومدافع وقوات تفوق أضعاف أضعاف الفدائيين الثلاثة الذين تمكنوا من قتل 3 ضباط إسرائيليين وامرأة قبل استشهادهم عند الساعة العاشرة والنصف من صباح يوم السابع من اذار عام 1988 استشهد الابطال الثلاثة فى صحراء النقب الصامتة دون اى ضجة اعلامية وضجة بطوليه مصطنعه كما نراها اليوم على شاشات التلفزة ودون عرض عضلات لا قيمة له فى حرب العصابات .
القراءة السياسية
كانت القراءة السياسية لهذه العملية البطولية تؤكد ان الدلالات السياسية لديمونا اكبر بكثير من نتائجها العسكرية بالرغم من ان قوات الاحتلال منعت الفدائيين من الوصول الى المفاعل الذرى الا ان ناقوس الخطر قد طرق ابوابه لدى دولة الكيان وجعلها تعقد اجتماعا لمجلسها الوزارى المصغر لاتخاذ قرار الاغتيال المتعلق بأبي جهاد خليل الوزير لتقرر الرد السريع الذى كان فى تونس فى 16/4/1988 .
اذن قرار بهذه الخطورة كان يتطلب ما هو اكبر بكثير من هذا الاجتماع لاعطاء الضوء الاخضر فى اكثر من عاصمة اقليمية وعالمية من اجل استهداف قائد مثل خليل الوزير له ثقل ومكانه فى العالم وليس فقط فى منظمة التحرير وحركة فتح .

وليس صحيحا ان المجلس المصغر اجتمع من اجل تنفيذ قرار الاغتيال الذى اعتبر مس بسيادة دولة اخرى ابو جهاد مقيم فيها لها وزنها وعلاقاتها الدولية والإقليمية وانما أيضا لان هذا القرار يعد خرقا للقواعد الضمنية التى حكمت الصراع العربى الاسرائيلى طوال السنوات الماضية.
خليل الوزير الذى كان يرمز للإسرائيليين انه الكفاح المسلح وانه المسئول عن عملية نسف خزان زوهر عام 1955 .
وعن محاولة نسف خط أنابيب المياه القطرى عام 1965 وعن عملية فندق سافوى فى تل ابيب التى قتل فيها عشرة اسرائليين عام 1975 .
وعن عملية دلال المغربى التى قتل فيها 37 اسرائيلياً عام 1978 .
والعديد من العمليات التى اذا اردنا ذكرها لاحتجنا الى مقالات ومقالات كثيرة لا توفى الحق لهذا القائد الفلسطينى الفذ.

لقد انتظرت المخابرات الاسرائيلية كثيرا للحصول على الموافقة باغتيال ابو جهاد بعد ان طلبت عدة مرات من مجلس الوزراء الاسرائيلى اربع مرات قبل الحصول عليه فى المرة الخامسة.
هؤلاء هم قادتنا وهؤلاء هم ابناءنا البواسل الذين ضحوا بأنفسهم من اجل تراب فلسطين .

الطريق إلى ديمونا
الطريق إلى ديمونا شاق ووعر وشائك جداً وكل الذين راودتهم فكرة ارتياد هذا الطريق إما أنهم أحبطوا منذ البداية وتراجعوا عن مهمتهم عندما علموا بمشاق الطريق، وعرفوا أهواله ومخاطره،أو أنهم سقطوا في الأمتار الخمسة الأولى قبل أن يجتازوا الحاجز الأول على هذا الطريق الطويل.
لذلك بقي الطريق إلى ديمونا عذرياً ومجهولاً إلى أن أُتخذ قرار اكتشافه ...واقتحامه.

*كل الطرق التي تؤدي إلى ديمونا وفي محيط دائرة قطرها 50كم توجد عليها حواجز عسكرية ثابتة ومتحركة، وكلما اقتربنا من حدود ديمونا نفسها ازدادت إجراءات الأمن والحماية تحسباً من أي نوع من أنواع الاختراقات المعادية.المفاعل النووي نفسه مستقل بذاته.محصن بنائياً بالبيتون المسلح ضد القصف الجوي ، وجميع الأقسام الحيوية في المفاعل مغمورة تحت الأرض ولمسافة ستة طوابق كاملة.
سماء"ديمونا" محروسة بشكل دائم بشبكة محكمة من الرادارات الحديثة والدفاعات الأرضية الصاروخية والمدفعية هناك منصات صواريخ هوك المعدل، والمدافع المضادة للطائرات المقطورة طراز"بوفورز ل-70"عيار 40ملم ومدافع "الاوركيون عيار 30ملم"، فضلاً عن أسراب الطائرات الاعتراضية الجاهزة دائما للعمل انطلاقاً من مطار ديمونا المشرف على المفاعل، بالإضافة إلى الحماية الجوية التي يمكن أن تتدخل بسرعة لحسم أي معركة انطلاقاً من أي المطارات الثلاث الأحدث التي بنتها الولايات المتحدة لإسرائيل في الصحراء النقب تعويضاً لها عن الانسحاب من سيناء ، وإخلاء المستوطنات الصهيونية منها.
كما أن "ديمونا" تدخل ضمن النقاط الأكثر حيوية التي تتوفر لها إمكانيات الإنذار المبكر بعيد المدى بواسطة الطائرات الرادارية المحلقة من طراز"أي-2 هوكاي"التي تطير في السماء لمدة أربع ساعات كاملة ,ويصل مدى كشف رادارها إلى حوالي 360كلم في مختلف الاتجاهات، وعلى كل الارتفاعات.
هذا في السماء أما في الأرض فهناك نظام آخر من شبكات الحواجز الالكترونية المعقدة والحساسة، وهذه الشبكات تضم منظومة من الرادارات التي تكشف حركة الأفراد والآليات، وهي موزعة على نقاط ثابتة وأخرى متحركة لتغلق كل الدائرة المحيطة "بديمونا"، وتكشف حركة الأفراد والآليات المهاجمة.
وهناك أيضا أجهزة"الجيوفون" التي تعمل على التقاط الذبذبات الأرضية الناشئة عن سير الأفراد والآليات، إلى جانب أجهزة الشم التي تسحب كمية كبيرة من الهواء الجوي المحيط بالمفاعل النووي وتقوم بتحليلها كيماوياً بصورة مستمرة بهدف الكشف عن الروائح والإفرازات العضوية لجسم الإنسان.
ويضاف إلى كل ذلك أجهزة الإنذار التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء وتلتقط التغييرات الحرارية م حول منطقة مفاعل "ديمونا"، إلى درجة إمكانية التقاط الطاقة الحرارية المنبعثة من جسم الإنسان أو من محركات السيارات كما يوجد حول المفاعل دائرة مغلقة من أجهزة الإنذار المغناطيسية التي توضح لغرفة المراقبة المركزية في المفاعل في المفاعل وجود الأسلحة والمعدات المعدنية الأخرى أو تنقلها.وهناك أخيرا شبكة الأسلاك الالكترونية الدقيقة جدا التي تنتجها شركة التا الإسرائيلية، والتي تقل سماكة الواحدة منها عن سماكة شعر الإنسان، ويسري التيار الكهربائي فيها,ويؤدي قطع أي شعرة منها إلى وقف التيار الكهربائي ودق ناقوس الخطر في أجهزة الإنذار المبكر وكل هذه الشبكات المعقدة مرتبطة بغرفة مركزية للتحكم والمراقبة والتحليل والإنذار.
كان هذا هو باختصار "الطريق إلى ديمونا"، كان الأمر أكثر تعقيداً مما تصوره "شرف الطيبي" الذي كلفه "أبو جهاد" بعملية ديمونا دون أن يعطيه لا صواريخ بعيدة المدى، ولا طائرات قاذفة ، ولا إجراءات الكترونية مضادة لشبكات الدفاع الالكترونية المزروعة حول "ديمونا" ولا شيئا آخر سوى فكرة بسيطة، وثلاثة من الفرسان الأحياء ، وثلاثة آخرين...شهداء.

فرسان ديمونا الثلاثة
صادق "أبو جهاد" على خطة ديمونا ، وأعطى تعليماته الأخيرة بالتنفيذ ، وبدأ "شرف الطيبي" عملية العد العكسي للانطلاق بالعملية. الخطة الأولى للعملية أجريت عليها تعديلات أساسية غيرت كثيرا من تفاصيلها ، خاصة عندما عثر البدوي "حمد العزازمة" على حصان طروادة الذي سيدخل به الفرسان الثلاثة إلى قلب ديمونا دون أن تكون كل الإجراءات الأمنية والالكترونية الإسرائيلية قادرة على إيقاف هذا الحصان الجامح وهو يتخطى كل الحواجز في طريقه إلى الهدف .. ديمونا.
لم يكن هذا الحصان سوى الأتوبيس "الفولفو" الأزرق اللون الذي يحمل على متنه كل صباح الخبراء والفنيين العاملين في المفاعل في رحلتهم اليومية من "بئر السبع" إلى ديمونا.
كان على ضابط أمن كل أتوبيس أن يتأكد يوميا من ركابه، وكان على السائق ألا يتحرك إلا في مواكبة سيارة جيب عسكرية تفتح الطريق أمامه،وتحمي أغلى ثروة تملكها إسرائيل بداخله.

- "حمد العزازمة" كان قد أمضى أسبوعا كاملا ، وهو ينتظر كل صباح هذا الحصان الأزرق الكبير ، تابعه وهو يشق صحراء النقب في مواعيد ثابتة لا تتأخر ولا تتقدم لحظة واحدة حتى حفظ عن ظهر قلب كل شيء عن هذا الحصان الأزرق الكبير.
كانت الخطة التي صادق عليها "أبوجهاد" بسيطة للغاية ،مجموعة فدائية خاصة من ثلاثة مقاتلين ،ودليل واحد خبير يقوم بتأمينهم إلى أقرب نقطة يمكن منها السيطرة على أتوبيس المفاعل النووي.
كانت التعليمات صريحة بضرورة السيطرة على الأتوبيس وهو في حالة صالحة للحركة، والانطلاق به بالسرعة القصوى إلى قلب ديمونا.
مباني المفاعل النووي كانت تنقسم إلى قسمين ، القسم الأول:ويضم الأقسام الفنية في المفاعل وهي تتألف من ستة طوابق مبنية تحت الأرض ، أما القسم الآخر فهو مكون من عدة مبان على سطح الأرض وتضم مكاتب شؤون العاملين ، ومطعما ومكتبة وقاعة دراسة ومحاضرات وموقفا خاصا بسيارات الأتوبيس التي يترجل منها الخبراء والفنيون كل صباح ليتجمعوا هناك بانتظار سيارات أخرى صغيرة تقود كل أربعة منهم إلى داخل الأقسام الفنية الخاصة بهم ، وهي تمر عادة على عدد آخر من حواجز الأمن والتفتيش ويصل عددها إلى ستة حواجز كان على الفدائيين الثلاثة الوصول بالأتوبيس إلى منطقة موقف الأتوبيسات داخل المفاعل ، حيث تبدأ هناك على الفور عملية طلب مندوبي الصليب الأحمر لتأمين الإفراج عن تسعة آلاف معتقل فلسطيني ، اعتقلتهم سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية الانتفاضة.
كانت الخطة على بساطتها محفوفة بمخاطر عديدة ، لكنها مع ذلك كانت الطريقة الوحيدة تقريبا لتناول "قهوة الصباح الساخنة" في قلب ديمونا دون دعوة سابقة لأشخاص ممنوعين أصلا من تخطي عتبة الوطن.
عندما كان " شرف الطيبي " يواصل عملية العد العكسي لإطلاق العملية حدثت المفاجأة الأولى التي كادت أن تلغي العملية كلها.
***
أحد الفرسان الثلاثة الذين وقع الاختيار عليهم لتنفيذ العملية توتر فجأة ،وخذلته أعصابه ، فعجز عن النوم لليال ثلاثة كاملة ، فقد بعدها القدرة على التركيز والعمل ، قاوم كثيرا وكابد وعاند لكن ذلك كله كان يزيده انفعالا وتوترا ، وهكذا أوقف العد العكسي لمدة يومين فقط تم فيهما معالجة هذه المفاجأة ، بمفاجأة أخرى.
هاهو مدرب المجموعة والمشرف عليها يتقدم كفارس عربي أصيل ليحل محل الفارس الذي ترجل، ويقود بنفسه العملية كلها.

انه ( عبدالله عبدالمجيد محمد كلاب) قائد مجموعة ديمونا ، أسرته كانت تعيش في قرية "بشيت" قضاء الرملة بفلسطين المحتلة وبعد هزيمة 67 نزح وأسرته إلى مخيم رفح ، هو من مواليد 13-12-1967 ، عايش حياة اللجوء في المخيم فتمرد عليها ، وتحول بالفطرة من حامل "كارت الإعاشة" الذي ينتظر معونة الأونروا إلى ثائر فلسطيني من جيل الانتفاضة.
تلقى عبدالله تعليمه حتى الثانوية العامة قسم أدبي ، ورغم تفوقه إلا أن ظروفه العائلية القاسية حالت بينه وبين الالتحاق بالجامعة ،والده توفي وخلف لامه "مريم" عشرة من الأبناء ، "قنبلة ديموغرافية متفجرة" ، خمسة من الإناث ، وخمسة من الذكور ، كان "عبدالله" الثاني بين الذكور ، والسادس في الترتيب العام بين أخوته ، لكنه الأول بين جميع أخوته وأقرانه في الوعي والحماسة والجرأة.
لما توفي والده ، تزوج أخوه الأكبر "نعيم" في سن مبكرة وانفصل عن الأسرة فخلفه "عبدالله" على الفور في تحمل مسئوليات الأخ الأكبر ولم يكن قد جاوز بعد سن الثانية عشرة.
لا احد يمنح القائد صفاته، إنها تولد معه كهبة ، لكنها تكبر فيه ، أو تموت داخله بإرادته هو .. وباختياره الحر . هكذا كان "عبدالله" ولد وهو يحمل صفات القائد :شخصية قوية آسرة ، محبوب لكنه مرهوب ، تأمنه لكن كسيف في غمده ، هو من صنف هؤلاء الذين يقولون للآخرين اتبعوني ويمضي بكل ثقة للأمام.
لم يدعه احد إلى الثورة ، إذ لا يحتاج المرء عادة إلى دعوة لدخول بيته ، أو فلاحة أرضه.
هذا هو "عبدالله عبدالمجيد" الأسمر النحيل ذو الأكتاف العريضة وكأنها خلقت هكذا خصيصا لتحمل المسؤوليات الكبيرة التي تقدم لحملها صبيا وشابا وثائرا.
كان"عبدالله" هو الوحيد بين المجموعة، الذي سافر إلى قطر عربي ، حيث التقى "شرف الطيبي" ، وتلقى هناك دورة مكثفة أهلته ليكون مدربا عسكريا.
لمرة واحدة فقط التقى "أبوجهاد" فانطبعت صورته كالوشم في الذاكرة.

* ثاني الثلاثة هو "محمد عبد القادر محمد عيسى" من مواليد 26/10/1966, فلاح فلسطيني آخر ولد في قرية "حتا" بالقرب من "الفالوجا" التي كثيراً ما سمع من أبيه حكايات الحروب الطاحنة التي دارت رحاها بين المصريين واليهود في عام 1947.
أحب محمد "الفالوجا" التي لم يرها ...وحلم طويلاً بالعودة إليها، بعد أن نزح مع أسرته إلى مخيم "رفح"بعد هزيمة 1967.كان لمحمد أسرة كبيرة "قنبلة ديموغرافية أخرى":الأبوان والثلاثة عشر من الأبناء،سبعة من الإناث,وستة من الذكور,كان محمد الثاني بعد أخيه "راسم"في الذكور،والخامس في الترتيب بين جميع إخوته، حصل على شهادة الثانوية العامة ولم تتح له فرصة إكمال تعليمه، فثمة طابور طويل من الأبناء الآخرين ينبغي لهم أن يقتسموا كل شيء معا من رغيف الخبز، وحجرة النوم إلى فرص التعليم.
لم يكن يميز محمد عن الآخرين إلا صمته,ووجهه المكتمل الاستدارة، وشغفه البالغ بالملاحظة والتدقيق والمتابعة كان بفطرته مشروع "رجل امن" رائع.
كان مولعا بتعقب هؤلاء الذين زلت أقدامهم في التعامل مع قوات الاحتلال وأجهزته ومخابراته، في إحدى المرات طعن احدهم "بشبرية"وكاد أن يقتله، وفي مرة ثانية أضرم النار في سيارة عميل آخر.
كان الساعد الأيمن "لعبد الله" في تنفيذ المهمات الخاصة ، وتخزين السلاح، وعندما ابلغ عن العملية كان من المتقدمين لها ، رشحه "عبد الله "لقيادة العملية قبل ترجل ثالث الفرسان فجأة لما توترت أعصابه.
حاول "محمد" جهده أن يثني من عزم رفيق عمره، وتوأم روحه "عبد الله"عن الانضمام للمجموعة الفدائية.أحب أن يوفره للمستقبل ,فقال له"ابق أنت للزراعة ودعنا نحن للحصاد".
ولكن عندما تقرر أخيرا أن ينطلق ثلاثتهم لتنفيذ عملية "ديمونا"غمرته مشاعر الفرحة كعريس في ليلة الحناء محفوف بأخوته.

* ثالث الفرسان الفدائيين هو أصغرهم سناً "محمد خليل صالح الحنفي"، أو"محمد حنفي"شاعر المدرسة والمخيم كما كان يحلو لأقرانه أن يلقبوه.
هو ابن أسرة فلسطينية بسيطة عاشت في "أسدود"على ساحل البحر المتوسط حتى عام 1967ثم اضطرت للنزوح إلى مخيم "رفح" توفي والده وترك خلفه أما وسبعة أبناء كان "محمد"أصغرهم. هو الرابع في الترتيب بينهم، حصل على شهادة الثانوية العامة ثم هجر الدراسة واحترف الثورة.
كان لـ "محمد"كما لكل الشعراء الشبان قدوة، وكان "أبو الطيب عبد الرحيم محمود" شاعر الثورة الفلسطينية وشهيدها المقاتل في ثورة عام 1936هو قدوة "محمد الحنفي" ومالك روحه,ومثله الأعلى. كان "محمد الحنفي"على حداثة سنه خزانة ثقافية متحركة ، وطاقة متفجرة للدعاية والتحريض والتعبئة







الذكرى ال 27 عام على عملية ديمونه فيديو من مكان العملية

https://www.youtube.com/watch?v=KL71VmvhkAw


0 التعليقات:

إرسال تعليق

فلسطيني وأفتخر

فلسطيني وأفتخر