صامد للأنباء -
تمر ذكرى الانطلاقة الخمسون لنقف امام مراحلها و محطاتها نقرأ الماضي و نتمعن الحاضر و نستشرف المستقبل في ضوء التجربة و الدروس.
و في المقدمة صحة الفكرة بكل ابعادها التي وضعت في 1-1-1965 موضع التطبيق و التي تمكنت عبر خمسين عاماً من انجازين اساسيين :
الأول : انها ثبتت الشعب الفلسطييني على خارطة شعوب العالم بكل ما توفر من رموز لذلك و تداعيات بعد ان تعرض لنكران حتى لوجوده في نطاق عالمي واسع, تداعيا لمقولة ارض بلا شعب لشعب بلا ارض التي لم يكن فيها ذرة من الحقيقة .
الثاني : ان الشعب الفلسطيني اصبح شعباً مسلحاً يمتلك بندقية خارج سيطرة الانظمة حتى في اطار تناوب المراحل والساحات و هنا لابد من التأكيد ان انطلاقة عام 1965 جسدت اول بندقية ثورية مقاتلة في الاقليم وفي اطار التحدي الاقليمي.
لقد تمكنت حركة فتح ان تكون لاعباً اقليمياً و دولياً في مرحلة توفر القاعدة الارتكازية الآمنة . حيث امتد تعاونها ومساعدتها لحركات التحرر من امريكا اللاتينية الى وسط اسيا و كان من ضمن ذلك في اطار الأقيلم مواجهة ثلاثة اركان محيطة تتعاون مع كيان الاحتلال و تسنده و هي اثيوبيا و تركيا و إيران في زمن عهودها السابقة ، و قد دعمت حركة فتح الثورة الأريترية في مواجهة ما كان يمثله الامبرطور هيلا سياسي من ركن من اركان مساندة كيان الاحتلال , كذلك دعمت المناضلين و المجاهدين الاتراك حتى تمكنت من تحيد نسبي لتركيا حيث كانت تمتلئ معسكرات فتح بهؤلاء المناضلين و المجاهدين , وكذلك كان للمجاهدين و المناضلين بكل اطايفهم الايرانيين , لقد آمنت حركة فتح بدعم الشعوب المكافحة كأساس اول بدليل انها قدمت الدعم بعيداً عن الاقليم و قاتلت قواتها في وسط افريقيا و تحديداً في اوغندا لدعم الاستقلال و الحرية و مواجهة النفوذ الصهيوني . تماماً كما شاركت قواتها في الثورة الساندينية و في ثورات اخرى في امريكا اللاتينية .
و غني عن الذكر التعاون الوثيق مع نضال جنوب افريقيا. امتد ذلك الفعل الثوري حين توفرت القاعدة الارتكازية الآمنة للشعب الفلسطيني خارج حدود سيطرة قوات الاحتلال و حين حركت فتح محيط خطوط التماس في القواعد الارتكازية حيث نشأت على يديها القوات الثورية للفئات المحرومة في اوطانها و كما رفع السيد موسى الصدر في حينه لقاء المحرومين من وطنهم مع المحرومين في وطنهم و كان ذلك البذرة الاولى لتواجد قوى مسلحة اصبحت اكثر تأثيراً و دوراً و التي ولدت في معسكرات فتح . معسكرات انطلاقة 1-1-1965 . و حتى تداعيات ذلك بلغت كل ما نشأ داخل الوطن من بندقية مقاومة ما بعد القاعدة الارتكازية الآمنة و توفير فرص في مراحل كان الشهيد ياسر عرفات و قيادة فتح و عقلية الشهيد ابو جهاد تظلل الفرصة التي اتاحت دعما اقليمياً من نوع ما بقي دون قوة القاعدة الارتكازية الآمنة في كل ظروفه .
و كان ذلك على العكس من البنادق التدميرية التي ولدت من جنين مفاهيم تعود الى مراحل الانغلاق العقائدي و التي وجدت بذورها الارضية بعيداً في افغانستان ومن خلال دعم الولايات المتحدة الامريكية لمناهضة الوجود السوفيتي , و اصبحت تتحرك في فلك الولايات المتحدة المعلن او غير المعلن في نطاق سياسة الفوضى الخلاقة و ما استهدفته من تقسيم و تدمير ذاتي .
مازالت خيوط التدمير الذاتي و الفوضى الخلاقة بيد الولايات المتحدة التي تعرف حدود ما تريده من كل طرف من اطرافها و هي تحرك الوقائع في هذا الاطار .
تعرضت الثورة الفلسطيينية خلال مسيرة الخمسين عاماً لكثير من الضربات الخلفية التي كانت تتناوب مع كيان الاحتلال في مشاغلة واضعاف المد الثوري و محاولات تطويقه.
و لكن الزلازل الاكبر التي صادفتها هذه المسيرة تتمثل فيما يلي :
اولا: زلزال كامب ديفيد عندما وجدنا انفسنا بدون الركن الاساسي في الصراع العربي مع كيان الاحتلال و هي مصر العزيزة على قلوبنا .
ثانياً : انتكاسة الجبهة الشرقية في الحرب الايرانية العراقية و التي كان يتم التطلع اليها كجبهة معاوضة .
ثالثا : ما بعد حرب لبنان و حصار بيروت وقوع الانشقاق الذي ابعد قيادة الثورة الى تونس، وما اسفر عن هذا الابعاد دون ان يتيح حتى للمرتبطين في اطاره الاقليمي فرصة القاعدة الارتكازية الآمنة التي تشتبك مع الاحتلال .
رابعا : سقوط الظهير الدولي الاتحاد السوفيتي بعد انتهاء الحرب الباردة عام 1988.
خامسا : ضرب القوة العسكرية العربية التي تجمعت للعراق بعد هزيمته في معارك عاصفة الصحراء على يد تحالف حفر الباطن.
لقد ادى كل ذلك الى فرص صعبة و خطرة حيث افتقدت الانتفاضة الثانية الى القاعدة الارتكازية الآمنة , و افتقدت الامة باسرها الى فرص درء المخاطر عن اوطانها .
لقد شاب كل ذلك مراحل و احداث تستحق المراجعة و التوقف , و تستحق من كل الاطراف بلا استثناء ان تقف امام دروسها لكي تخرج الامة من مأزقها و تواجه المستقبل .
سيبقى التعبير الحقيقي عن فكرة المقاومة هو توفير القاعدة الارتكازية الآمنة على قاعدة نظرية اساسية الاشتباك عبر الخطوط وفقاً لمفاهيم حرب الشعب و قوانينها .
و سيبقى التعبير الحقيقي عن ارادة مواجهة المستقبل هو ان يراجع النظام العربي كل حساباته و انهاء خلافاته و ان يتمكن من الخروج من دائرة التدمير الذاتي و تحقيق التماسك مع الشعوب .
0 التعليقات:
إرسال تعليق