صامد

صامد

الخميس، 24 يوليو 2014

شهوانية سياسية... بقلم: موفق مطر

صامد للأنباء -
قد يكون منع مصر من استعادة موقعها المركزي المؤثر في القضايا العربية عموما والقضية الفلسطينية خصوصا احد اهم اهداف تل ابيب وواشنطن ودول ذات نفوذ بالمنطقة كتركيا وقطر، أما منع ترسيخ دعائم دولة فلسطين, وبلوغها الاعتراف والعضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وضرب المشروع الوطني بقنبلة فراغية, تنهار على اثرها مقومات مؤسسات الدولة, ومظاهرها, ما يعني انهيارا طبيعيا للانجاز السياسي الفلسطيني (دولة عضو مراقب في الأمم المتحدة), وبالتالي قطع الطريق على دولة فلسطين نحو المؤسسات والمنظمات الأممية التي من شانها محاكمة قادة وضباط وجنود جيش الاحتلال بتهم ارتكاب جرائم حرب وضد الانسانية, فحكومة الاحتلال معنية باستدراج ردود فعل فلسطينية مسلحة للاستناد عليها لمحاججة المجتمع الدولي على الأقل لدى مؤسسات الأمم المتحدة المحتكمة اصلا لمواثيقها وانظمتها والقانون الدولي كمرجعية.
تسعى مخابرات حكومة نتنياهو بما اوتيت من قوة لسحب عناصر القوة الرسمية والشعبية التي تجمعت تلقائيا وشكلت رافعة للقيادة السياسية الفلسطينية، فور تحقيق الانتصار بمعركة "الدولة المراقب" في الأمم المتحدة, وتجريد الرئيس ابو مازن شخصيا من هذه العناصر، باستخدام معاول الهدم بأيدي الطابور الخامس في جبهتنا الداخلية, وقد استطاعت تحقيق اختراقات في بعض محاور هذه الجبهة, واستطاعت فعلا - بمجالات محدودة.. لكنها خطيرة - حرف وجهة الصراع, في أفظع عملية استغلال لمشاعر الناس وعواطفهم وردات فعلهم على "محرقة الشجاعية", والضحايا الأبرياء من الشعب الفلسطيني في قطاع غزة, فأجهزة مخابرات وحكومة دولة الاحتلال على يقين أن تحقيق انجاز ميداني على الأرض لن ينجح, ولن تكتمل اركانه مادامت القيادة السياسية الشرعية للشعب الفلسطيني قوية, معززة بفهم الجماهير لدوافع وأسباب وأهداف تحركاتها, لذلك ليس مستغربا تكريس البعض لجزء لابأس به من المجهود بهذا الاتجاه بانصياع وخضوع لا معقول، لا يمكن اعتباره إلا خروجا على قيم الوحدة الوطنية, ومخالفة لأبسط قواعد المواجهة والمقاومة في ايام جرائم الابادة, والمجازر, والانتقام العنصري الاسرائيلي ضد شعبنا, فالمواجهة مع العدوان تتطلب عقلانية, واتزان, وحكمة, وتبصر في قراءة الأحداث والتطورات, أما الانفعالات وردات الفعل الغرائزية فليست موجودة في قاموس القيادة المسؤولة, مع اشارة لابد منها, أنها قد تكون مادة دسمة في طبق الشهوانية السياسية المفرطة، لدى (لاعبين) يظنون انها فرصتهم للانقضاض على مواقع القيادة واكتساب نصيب منها حتى ولو على حساب دماء الأبرياء من الشعب الفلسطيني.
لقد تجلى خطاب القيادة السياسية بالوعي لمصالح الشعب الفلسطيني, والحكمة في التعامل مع المبادرات والتبصر والقراءة العميقة لأهداف اسرائيل من العدوان, فطرحت مطالب الشعب الفلسطيني، ومنعت تداول الدم الفلسطيني كسلعة او اسهم في البورصات السياسية الإقليمية حتى ان الادارة الأميركية التي اراد البعض بيعها مبادرة برعايتها, لأغراض لا صلة لها بالمصالح العامة للقضية والشعب الفلسطيني, اقرت عبر وزير الخارجية جون كيري برؤية القيادة الفلسطينية, وقرارها ببقاء المبادرة بيد مصر العربية وبرعايتها، وهذا يعني ان قوة لن تستطيع تجاوز القيادة الشرعية للشعب الفلسطيني عند البحث عن أي تسوية, حتى حكومة اسرائيل, فانها باتت على تفين انها لن تستطيع اقصاء القيادة السياسية وأبو مازن تحديدا من المشهد السياسي الفلسطيني, أو انهاء تمثيلها للشعب وإرادته, ولعل موقف حركة الجهاد الاسلامي الايجابي المنسجم مع توجهات القيادة ببقاء مبادرة التهدئة بيد مصر ورعايتها، برهان على احترام فصائل مقاتلة كبرى وذات وزن لرؤية وقرارات القيادة السياسية الفلسطينية, والثقة بنوايا وحركة وعقلانية الرئيس ابو مازن, وأن حرية واستقلال وكرامة وحياة الشعب الفلسطيني وإعلاء مصالحه العليا هدفه الثابت.
غدا عندما تسكت المدافع, ويتوقف نزيف الجراح, وننصت لصوت العقل, سنعرف الفارق بين خاضع لشهوانيته السياسية, وبين متحرر يقرر بعقلانية انسانية أخلاقية.



0 التعليقات:

إرسال تعليق

فلسطيني وأفتخر

فلسطيني وأفتخر