صامد

صامد

السبت، 26 أبريل 2014

المصالحة في ضوء المتغيرات السياسية...بقلم: د. إيهاب بسيسو

صامد للأنباء -

إمكانية أن تكون المصالحة مدخلاً لحالة سياسية فلسطينية جديدة وارد في ظل المتغيرات السياسية المحلية والاقليمية، فخارطة المشهد السياسي المتغيرة عربياً تنعكس وبشكل تدريجي على ديناميكة السياسة الفلسطينية المحلية، كما أن التحديات السياسية على صعيد المفاوضات تدفع باتجاه تعزيز القدرات السياسية الداخلية، للحد من ضعف البنية السياسية الفلسطينية بسبب سنوات الانقسام. في هذا السياق تبدو التوجهات العامة للمصالحة ايجابية وملائمة لطبيعة المشهد السياسي بتكويناته الدولية والعربية والمحلية، وهي تختلف عن كل المحاولات السابقة باختلاف طبيعة المشهد العربي، واختلاف التوجهات الداخلية.
يمكن القول إن الحالة السياسية هذه المرة تتميز عن سابقاتها في سياقها الاستراتيجي العام وهي بحاجة إلى دعم جاد للدفع باتجاه خلق واقع سياسي فلسطيني بديل للانقسام، لهذا فإن أي محاولة أو ذريعة لعرقلة هذه الجهود التي انطلقت مجددا مع التوقيع في غزة ستؤدي إلى تكريس الخلل البنيوي في الجسم الفلسطيني السياسي والمجتمعي.
في المقابل فإن إنجاح المصالحة على المستوى السياسي والمجتمعي (بتنوعاته السياسية والإعلامية والثقافية) في ظل المتغيرات المختلفة يشكل بداية حقيقية لرسم مسار سياسي مغاير للحالة الفلسطينية في السنوات الماضية، رغم كل ما قد يبدو من صعوبات أو تحديات على صعيد آليات تنفيذ اتفاق المصالحة في الإطار الإجرائي أو المؤسساتي.
إن النظر - بشكل جزئي - إلى التراكمات السياسية الماضية، وما نتج عنها من مواقف وتجاوزات كرَّست حالة الانقسام وأفضت إلى مناخ سياسي فلسطيني يتسم بالثنائيات الحادة، قد يكون بحاجة إلى نظرة موازية تهتم بتقليص الآثار السلبية التي انعكست على الرأي العام الفلسطيني، هذا التوجه الموازي يتمثل بامكانية الدفع قدماً - رغم كل العراقيل والتحديات - باتجاه الخروج من واقع الاكتفاء بتشخيص الحالة وتحليل نتائجها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية، إلى إمكانية تغيير طبيعة الواقع السياسي بالانتقال من مفهوم إدارة الانقسام إلى آليات انهاء الانقسام.
إن النظرة المقترحة الموازية تسعى إلى تغليب الرؤية الوطنية العامة لتشمل التوجهات الاستراتيجية الفلسطينية على الصعيد الدولي، فقد شكل التوجه إلى الأمم المتحدة والحصول على مقعد دولة مراقب، مدخلاً استراتيجياً على صعيد العمل السياسي الفلسطيني الدولي، هذه الخطوة التأسيسية أفسحت المجال لغلاف سياسي دولي يحصن الحالة الفلسطينية بالقوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية، ونقلت المشهد السياسي الفلسطيني من حالة شعب تحت الاحتلال إلى حالة دولة تحت الاحتلال، بالتالي فإن خطوة التوقيع على 15 معاهدة دولية مؤخراً جاءت لتعزيز هذا التوجه السياسي ضمن الغلاف الاستراتيجي الفلسطيني كخطوة مرحلية وتدريجية نحو دخول الدولة الفلسطينية الأسرة الدولية بشكل مؤسساتي فعّال يعزز الحضور الفلسطيني من خلال المجال الملائم سياسياً.
إن الانضمام إلى المعاهدات والمواثيق الدولية يمثل انتقالة نوعية في طبيعة العمل السياسي الفلسطيني على المستوى الدولي وذلك من خلال تفعيل آليات العلاقات الخارجية بشكل مؤسساتي ضمن القوانين الدولية من أجل دعم الموقف الفلسطيني في سعيه للوصول إلى الحرية والاستقلال.
وباعتبار أن هذه الحالة تمثل مدخلاً استراتيجياً للمشهد الفلسطيني على المستوى المؤسساتي الدولي، فإن المصالحة تمثل في المقابل المدخل الأبرز على صعيد المشهد السياسي المحلي، وبالتالي فإن دعم المصالحة بتوفير المناخ المناسب سياسياً لإجراء الانتخابات يعيد الحيوية إلى المؤسسة الديموقراطية الفلسطينية وينقذ المشهد الفلسطيني من تداعيات الانقسام ويعزز من الحضور السياسي الفعّال بإعادة الاعتبار إلى قدرة المؤسسة الفلسطينية على مواجهة التحديات وذلك بالاستناد إلى موقف وحدوي فعال يعزز التوجهات الاستراتيجية الفلسطينية في المرحلة المقبلة.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

فلسطيني وأفتخر

فلسطيني وأفتخر