صامد

صامد

الثلاثاء، 4 مارس 2014

صور- فلسطينيون في بلاد الشاي

صامد للأنباء\بلال غيث - وسط شوارع تكسوها الأشجار المرتفعة، شقت الحافلة التي تقل وفدا إعلاميا فلسطينيا وصل إلى مطار كولومبو الدولي مطلع الأسبوع الجاري، طريقها في ساعة متأخر من الليل، الطبيعة والخضرة الخلابة، وهي أبرز ما يميز بلاد الشاي التي كانت تعرف بالسابق بسيلان، وهي تسمى حاليا سريلانكا بعد استقلالها عن بريطانيا مطلع القرن الماضي.
سفير فلسطين لدى سريلانكا أنور الآغا، ونائبه محمد الحلاق، ووفد من السفارة كانوا بانتظار الوفد فور وصوله، والذي زار في البداية مدينة نيكامبو الواقعة على ساحل المحيط الهندي، ومنها انطلق الوفد إلى مدينة ديمبولا في رحلة استغرقت ست ساعات.
أول عبارة سمعها الوفد الفلسطيني في سريلانكا هي Ayubowan، وهي تمثل التحية الرسمية في الجزيرة، يعتمدها السريلانكيون للترحيب بالزوّار مع رفع أيديهم وترداد العبارة، وتعني التمني بالحياة المديدة.
ويرتبط اسم سريلانكا ببلد المعجزات فقد لملمت جراحها بعد الحروب التي عصفت بها، وانتصرت على الجوع والفقر لتصبح اليوم من أقوى البلدان السياحية للعام 2012، وهي تبعد حوالي 31 كيلومتراً عن الساحل الجنوبي للهند، وتعتبر غنية جداً من الناحية الثقافية، وتشتهر سريلانكا باعتدال مناخها معظم أيام السنة ودرجة حرارتها التي لا تزيد عن 31 درجة مئوية حتى في أكثر الفصول حرارة.
المواطنون السريلانكيون رحبوا بالوفد الإعلامي الفلسطيني على طريقتهم، المتمثلة بتقليدهم طوقا من الياسمين في رقابهم، وتقديم الشاي السيلاني ذي الشهرة العالمية لهم باعتباره المشروب الرسمي للبلاد، في كل مكان يذهب الوفد هذه طريقة الاستقبال لهم.
وسط الطريق بين مدينتي نيكامبو القريبة من المطار، انطلقت الحافلة إلى مدينة ديمبولا التي تضم أعلى قصر لحاكم سريلانكا السابق الذي اتخذ من جبل مرتفع جدا مقرا لحكمه في القرن الخامس عشر، حيث يحتاج الزائر إلى صعود قرابة 1400 درجة من بلوغ مقر الحكم هناك أو ما كان يسمى 'بالمعبد'.
بعض الزملاء تمكن من الصعود وآخرون لم يستطيعوا بسبب صعوبة الصعود على أدراج صممت في القرن الخامس عشر الميلادي من قبل حاكم اتخذ من الجبل المرتفع مقر حكم له لحماية نفسه في حال تعرضه لهجوم من قبل الهنود الذي كانوا يسيطرون على الجزيرة في تلك الفترة، وباتت اليوم واحدة من عجائب الدنيا التي أدرجتها منظمة الثقافة والتربية والعلوم اليونسكو على أنها إحدى المواقع الأثرية الأبرز في جنوب شرق آسيا.
السريلانكي إرشاد وليد، وهو المرشد السياسي الذي يرافق الوفد الصحفي الفلسطيني القادم إلى سريلانكا بدعوة من وزارة السياحة السريلانكية، يتحدث عن عشرات السنوات استغرقها بناء ذلك المقر الذي يضم بين جنباته بركا للسباحة وحدائق وخندقا ونهرا من المياه لحمايته في حال تعرضه لهجوم من الهنود، كما أن الجلوس في أعلى الجبل يوفر مكانا باردا في جزيرة استوائية حارة ورطبة هي سريلانكا التي تتجاوز مساحتها مساحة فلسطين التاريخية بثلاث مرات ويقطنها ما يزيد عن 20 مليون شخص.
ويشير وليد إلى أن مقر الحاكم أو المعبد كما سمّاه يقع على صخرة كبيرة تسمى 'صخرة الأسد' أو 'القلعة السماوية' ترتفع نحو 200 متر وسط غابة خضراء، وتُعدّ من أجمل المنتجعات الهادئة وتقع في منتصف الجزيرة جغرافيا.
ويوضح وليد إلى أن مدينة ديمبولا تحتوي العديد من الأسواق التقليدية والمتاجر التي تبيع أنواعاً عديدة من الفواكه الغريبة وجوز الهند.
تتوقف الحافلة وسط الطريق للإطلاع على معمل لجوز الهند الذي تكسو أشجاره مختلف أرجاء الجزيرة، عشرات العمال يقوم بتقشير حبات جوز الهند لإزالة الغلاف الخارجي وتجهيزها للتصدير، حيث تشتهر الجزيرة بأنها أكبر مصدر لجوز الهند في جنوب شرق آسيا أيضا.
بعد الاستراحة في مدينة ديمبولا، تتوجه الحافلة إلى المعبد الذهبي بوذا الذهبي الذي بني وسط مدينة ديمبولا في القرن السادس عشر، والمعبد عبارة عن مجموعة من المباني يعلولها تمثال للإله 'بوذا' الذي يعتنق ديانته قرابة 70% من سكان الجزيرة الاستوائية، إلى جانب التمثال الذي يعلو المباني يصطف الخدم لتقديم ما لديهم لبوذا، فيما تغطي جدران المعبد وسقوفه رسومات تشير إلى حكايات تاريخية تتحدث عن 'بوذا' وعن القيم والأخلاق الحميدة التي يسعى لنشرها.
يصل الصحفيون الفلسطينيون إلى مدينة كاندي ثالث مدينة في زيارتهم، والتي تعد ثاني أكبر مدينة في البلاد، وتوصف بعاصمة الاسترخاء، ومحاطة بتلال خضراء من كافة جوانبها، وفيها بحيرة شاسعة، رائعة الجمال، وتنظم على مدار العام في كاندي مهرجانات من الرقص التقليدي، يتم خلالها عروض تشارك فيها الفيلة.
في تلك المدينة يتوجه الصحفيون إلى حديقة استوائية في المدينة، ويشرح المرشد في تلك الحديقة راسكا ولسون، الذي يجيد التحدث بالعربية عن أنواع الأشجار والمزروعات الموجودة في سريلانكا مشيرا إلى أن أبرز ما تنتجه الجزيرة هو زيت الصندل، والأناناس بأنواعه وجوز الهند، والموز الأصفر والأحمر، والزعفران وجوز الطيب، والفانيلا، والكاكاو، والفلفل الذي يستخدم للطهي بأنواعه المختلفة.
ويعترف ولسون أن السيرلانكيون أيضا قاموا بالاستفادة من العرب في القرون الماضية، حيث نجحوا في نقل شجرة القهوة من اليمن وزراعتها في سريلانكا، ويتحدث أيضا عن أنتاج المطاط الذي تشتهر به تلك الجزيرة السريلانكية، وكذلك الهيل والقرنفل والقرفة وغيرها.
وارتبط العرب لسنوات طويلة بجزيرة سريلانكا بفضل الرحلات التجارية البحرية العديدة التي كانوا يرسلونها الى هناك وكانت تعرف لديهم باسم 'سرنديب'، واشتهرت فيها تجارة الأحجار الكريمة واللآلئ والعاج والبهارات، وتتميز الجزيرة ايضاً بزراعة الشاي الفاخر.
يقوم ولسون بإعداد حساء باستخدام البهارات المنتجة من حديقته، في مطبخ سريلانكي تقليدي، ويطلب من الحضور تذوقه، بالتزامن مع شرب شاي محلا بالزنجبيل.
بعد ذلك توجه الوفد لرؤية حياة العائلات السريلانكية في الأدغال، إنهم يسكنون في بيوت من الطين والقش، وعادة ما يكون المنزل مكونا من غرفتين الأولى هي مطبخ وغرفة طعام والغرفة الأخرى تستخدم للنوم، والعائلة التي تمكنا من زيارتها تتكون من ثلاثة أفراد إضافة إلى الأم والأب، وهم يلتقطون قوت يومهم من النباتات الطبيعية والأشجار الشاهقة التي تحيط بهم من كل مكان، فيما يحلمون بالحصول على عقد عمل من أجل تطوير حياتهم ببناء بيت من الطوب الصفيح أسوة ببعض أبناء منطقتهم الذين غادروا سريلانكا للعمل في الخارج ونجحوا في تحقيق هذا الهدف.
في ساعات المساء، توجه الوفد الصحفي الفلسطيني إلى مسرح مركز الثقافة في مدينة كاندي، هناك يقدم مجموعة من الراقصون والراقصات رقصات كاندي التقليدية، والرقصات التي عادة ما يقوم بها سكان المناطق الجنوبية من المدينة، وتتحدث تلك الرقصات حول الثقافة والفلكلور السيرلانكي، حيث يقوم عدد من الشبان بقرع الطبول فيما يقوم راقصون وراقصات بأداء لوحات استعراضية تصور الشكر والعرفان للآلهة، وترويض الثعابين التي تشتهر بها تلك المدينة.
وأبرز ما في تلك العروض هو رقصة النار أو العرض باستخدام قوة النار، حيث يقوم الراقصون بالمشي على فحم مشتعل في مسعى منهم للحصول على البركة الإلهية عبر تنفيذ تلك الطقوس وفق التعاليم البوذية، كما يقومون أيضا باللعب بالنار بطريقة تثير حماسة الجمهور، حيث يكتظ المسرح بالزائرين من مختلف بقاع الأرض.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

فلسطيني وأفتخر

فلسطيني وأفتخر