صامد

صامد

الثلاثاء، 25 فبراير 2014

كمال ناصر... الشاعر، المفكر, السياسي, المناضل

صامد للأنباء\بقلم عيسى عبد الحفيظ1-2

 في ليلة من ليالي شهر نيسان 1973، وفي ساعة متأخرة من الليل، وبينما كان كمال ناصر يكتب مقالته الأسبوعية راثياً الأديب أمين نخلة في شقته بشارع فردان في بيروت, كانت وحدة من الكوماندص الاسرائيلية تتسلل بقيادة ايهود باراك لتنفيذ عملية اغتيال جماعية بحق كمال ناصر وكمال عدوان وابو يوسف النجار. جاءت هذه العملية كرد اسرائيلي على عملية ميونخ التي نفذتها منظمة ايلول الاسود حسب الرواية الاسرائيلية.
كمال بطرس ابراهيم ناصر من أسرة متجذرة في بيرزيت، الا ان ميلاده كان في غزة. المكان الذي كان يعمل فيه والده. والصدفة او لأمر خارج عن المألوف او السبب نجهله جميعا، ولا نملك تفسيرا له، كان تاريخ استشهاده في العاشرمن نيسان 1973 قبل ايام من تاريخ ميلاده.
سيطرت فكرة الاستشهاد على كمال ناصر في كل نواحي الحياة، وترافقت مع فكرة البعث. فاصبح هاجسا لازمه في كل اشعاره تقريبا. فقد حمل هذه الفكرة في الشعر والرؤي والنبوءة في الجامعة الامريكية في بيروت التي تخرج منها عام 1945 في العلوم السياسية. بينما كانت الاحداث تستعر في فلسطين وكصاحب ضمير ورسالة وطنية لم يقبل دراسة المحاماة لتحقيق رغبة والدته المثقفة، فالتقطته الصحافة، هوايته المفضلة لينشئ جريدة الجيل الجديد بالتعاون مع هشام النشاشيبي وعصام حماد في عام 1949 في القدس.
فكرة الاستشهاد والبعث ربما هي التي دفعت كمال ناصر ليشارك في تأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي في رام الله، ويبدأ رحلته الصعبة والقاسية من السجن الى البرلمان عن دائرة رام الله عام 1956. وبقيت الصحافة تجري في أعقابه او كان هو يجري في اعقابها، حين اصدر عبدلله الريماوي جريدة البعث في الضفة الغربية باسم فرع الحزب في فلسطين وكان لكمال ناصر دور رئيسي في ذلك بالاضافة الى كتاباته في جريدة فلسطين الصادرة في القدس.
لم تلبث التجربة الديمقراطية في الاردن ان انتكست. فانتقل كمال ناصر الى سوريا مراهنا على تجربة الوحدة بين سوريا ومصر فقلده الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وساما تقديريا. الا ان حلمه الحزبي الذي اعتقد انه قد تحقق عندما استلم البعث مقاليد السلطة على اثر انقلاب 8 آذار 1963 لم يلبث ان تلاشى بسبب الخلاف الحاد الذي ظهر بين قيادة الحزب وعبد الناصر، وما زاد الطين بلة الخلافات الداخلية في الحزب الذي وقف كمال ناصر مع قيادته الشرعية علنا بصوت مدو قائلا:
ما علينا لو كل يوم غزانا عابر وانتمى الينا دخيل
فبذور الحياة تكمن فينا وسيبقى البعث الاصيل الاصيل
وحين وصل الى الشطر الاخير اشار بيده وكانت كاميرات التلفزيون تتابع حركاته، اذ به يشير الى الاستاذ ميشيل عفلق.
لكن البعث لم يبق اصيلا على الطريقة التي يريدها كمال ناصر فحدث انقلاب شباط 1966 وتحركت الدبابات لصالح القيادة القطرية فقال:
لم يبق للبعث عندي ما أغنيه شيعته وسابقى العمر ابكيه
وفي السيارة التي اقلته الى السجن كانت المطربة دلال شمالي تغني كلماته:
عشرين عاما نضيء الليل من دمنا في كل نجم لنا جرح اضأناه فالبعث وعي وايمان وتضحية والبعث هم كبير قد حملناه
لم يكن سهلا على سجانيه ان يسجل عليهم التاريخ ذلك. لذا, كان فراره من السجن الى بيروت ومنها الى باريس أمرا شبه طبيعي. وفي رواية أخرى كان للكاتبة كوليت خوري دور في تسهيل عملية هروبه من السجن. وفي باريس، صدحت حنجرة كمال ناصر باشعار الغربة والاشتياق الى الوطن الذي شد عقله وعواطفه فعاد, ليشهد هزيمة حزيران, فبادر الى المقاومة بكل اشكالها, فما كان من سلطات الاحتلال الا ان اعتقلته ثم ابعدته خارج الوطن.

2

0 التعليقات:

إرسال تعليق

فلسطيني وأفتخر

فلسطيني وأفتخر