صامد

صامد

الخميس، 20 فبراير 2014

يوميات قرية عين_حجلة .. 7 أيام لخصت صمود وارادة شعب لا يهزم - الحلقة 5- بكر عبد الحق

صامد للأنباء\ أول "قلاية بندورة" في القرية ..
استيقظت عند الساعة الثالثة عصرا على صوت منبه هاتفي المحمول .. على عجالة حزمت حقيبتي مرة أخرى ووضعت بها ما تبقى لدي من ملابس نظيفة .. وأنا أهم بالخروج من غرفة سكني في مدينة اريحا في جامعة الاستقلال وقعت عيني على المقلاة الموجودة في المطبخ فخطر في بالي لو كان عشائنا هذه الليلة "قلاية بندورة" بشكل سريع جمعت حبات البندورة الموجودة في الثلاجة ووجدت الى جانبها زر فلفل حار وتناولت علبة الباهرات وملئت زجاجة صغيرة بزيت الزيتون وأكملت هذه السلة من المؤكلات بظرف سكر وشاي .. وانطلقت من السكن باتجاه مقر محافظة أريحا حيث كان بانتظاري هناك صديقي ماهر سمارو الذي عاد أيضا الى اريحا للاستحمام في منزل صديقه في مخيم عقبة جبر .
ونحن نهم بمغادرة مقر المحافظة صادفنا محافظ اريحا والأغوار الدكتور ماجد الفتياني وهو يترجل من حافلة تقل عدد من نشطاء مدينة أريحا كانت قادمة لتوها من القرية .. لا بد هنا وأن أذكر وقفة هذا الرجل التي كانت مسؤولة طوال مدة اقامتنا في قرية عين حجلة .. فلقد شكل أبو العبد خط الامداد الرئيسي لنا في القرية بكل احتياجاتنا من ماء وطعام وأغطية وفرشات .. وكان بشكل يومي يزور القرية ويتفقد احوالنا .. لم يكن هذا الرجل مهتما بشكل قطعي بالاعلام ولا التقاط الصور هنا وهناك بل كنت دائما ألحظ بأنه يعمل ويقدم بصمت شديد ..
بكل تواضع تقدم عطوفة المحافظ تجاه سائق سيارة الأجرة التي استقلينها انا وماهر وأخذ يشرح للسائق الطريقة التي يستطيع أن يوصلنا بها الى قرية عين حجلة .. حيث ان الاحتلال كان لا يزال لليوم الثالث على التوالي يفرض حصاره عيلها ويمنع احد من الوصول اليها وايصال المساعدات المختلفة الى القرية ...
على مدخل مدينة اريحا من جهة قرية العوجا كان الاحتلال قد وضع حاجز تيار ,, أفراد هذا الحاجز كانوا يدققون في هويات من يمر من المواطنين ناهيك عن تفتيش السيارة بشكل دقيق بهدف التقاط نشطاء المقاومة الشعبية ومنعهم من الوصول الى القرية .. هنا اتفقت انا وماهر على ان نبرز بطاقات العمل بدلا من هوياتنا الشخصية لتفادي عملية تفتيش السيارة خشية من ان يفتضح امرنا وتصبح عملية الوصول القرية صعبة ان لم تكن مستحيلة .. برزنا البطاقات للجندي نظر اليها وتسائل الجندي : هل انتم شرطة ؟
اجبنا انا وماهر : نعم نحن شرطة فلسطينية ..
الجندي : الى أين ذاهبون ؟
ماهر : الى العوجا
بدون تردد سمح لنا الجندي بالمرور دون تفتيش السيارة .. وهنا انا مازحت ماهر قائلا "هي فائدة التنسيق الأمني" ..
بكل الأحوال الغاية تبرر الوسيلة سارت السيارة باتجاه العوجا وبعد ان توارينا الأنظار عن الجنود استدرنا باتجاه شارع 90 واكملنا طريقنا باتجاه القرية مرة أخرى .. عندما وصلنا الى تخوم القرية كانت دوريات الاحتلال تجوب المكان ذهابا وإيابا وهنا اضطررنا للسير على الشارع مرتين في كلا الاتجاهين الى ان سنحت لنا الفرصة بعد ابتعاد جيب الاحتلال عنا وقفزنا من السيارة وبسرعة سرنا باتجاه القرية .. الاحتلال لاحظ دخولنا القرية وهنا لحق بنا الجيب ونحن بأقصى سرعة نركض باتجاه القرية الى ان انقطعت انفاسنا من التعب ولكن أخيرا وصلنا الى قلب القرية دون ان يتمكن منا جنود الاحتلال ..
في القرية حركة نشطة النشطاء في كل مكان مستمرين باعمالهم التطوعية من تنظيف وترميم القرية .. فيما انشغل نشطاء اخرون في نصب شاشة عرض على جداران احدى مباني القرية بغرض نقل مباراة كرة قدم بين فريقي ريال مدريد وأتليتكو مدريد .. فور الانتهاء من تشغيل شاشة العرض بدأ عرض فيلم عمر الفلسطيني للمخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد وهو فيلم رشح لينال جائزة أوسكار عن أحسن فيلم أجنبي .. تجمهر سكان القرية حول شاشة العرض وانجذبوا جميعا نحو مشاهد الفيلم الذي اخرج بمهارة عالية ليحاكي معاناتنا مع المحتل .. في وسط الفيلم هاتفني صديقي محمد طالبا مني استطلاع الوضع في محيط القرية وخصوصا على الطريق 90 وان احدد له مكان تواجد الاحتلال .. حتى يتمكن من الوصول القرية .. بالفعل أنجزت المهمة ونجح محمد برفقة أبو حسن مطر وحمزة ومنتصر ومهدي مناصرة ويزن من الدخول الى القرية مرة أخرى ..
محمد جلب لنا معه مجموعة من مصابيح الانارة الليلية وبسكويت علي بابا وبذر عباد الشمس ودخان لمن بقي من الشباب ولم يغادر .. وهنا بدأنا جولة مرة أخرى للتعرف على المجموعات الجديد التي قدمت الى قرية والتقينا هنا بمجموعة قادمة من جامعة النجاح الوطنية تضم 25 شباب من شبيبة الجامعة عرفت منهم عصام قادري ومحمد الحاج وعبد الغني التكروري ومعتصم شاهين ومسعود ياسين .. وفي حضرتهم تناولنا الشاي وانشدنا الأناشيد الوطنية ونشأت هنا علاقة طيبة بين شباب جامعة القدس وشباب جامعة النجاح الوطنية ... ودار نقاش مستفيض حول وضع الحركة الطلابية في الجامعات وناقش الشباب رؤية كل مجموعة في سبل النهوض والارتقاء بها ..
أسود الصحراء .. يكسرون الحصار ..
كنا متواجدين وسط القرية واذا بالشبان يركضون من الجهة الشرقية للقرية ويصرخون "جيش .. جيش" وبدأ هنا الجميع بالاستنفار معتقدين بأن الاحتلال يريد ان يعيد الكرة وأن يقتحم القرية بعدما فشل في ذلك بالأمس .. تجمعنا جميعا في وسط القرية وبدأنا نرقب مجموعة السيارات القادمة من الجهة الشرقية ومن ثم سمعنا صوت من احدى السيارات يقول "احنا مو جيش يا اخوان .. احنا اخوتكم عرب الكعابنة .. فريق اسود الصحراء جايين يتضامن معكم ونشد على ايدكم .. فريق اسود الصحراء يحييكم ويدعم صمودكم .." لم يصدق أحد في البداية لأن سياراتهم ذات الدفع الرباعي تشبه آلايات الاحتلال انا هنا تقدمت بحذر تجاه الموكب وتفحصت السيارات بواسطة مصباح الانارة لدي وعندها تأكدت بأنهم الأخوة عرب الكعابنة استطاعوا ان يكسروا الحصار عن القرية وجاؤوا محملين بالطعام والفراش والأغطية انا في هذه اللحظة تحدثت بواسطة سماعة احدى السيارات لسكان القرية أكدت فيها بأنهم الاخوة اسود الصحراء وهنا عادت الحياة طبيعية مرة أخرى الى القرية واستقبلنا بحفاوة الاخوة عرب الكعابنة الذين لم ينقطعوا يوما واحدا عن زيارتنا وتفقدنا وتوفير الاحتياجات لنا .. واذكر هنا بأننا رحبنا بهم بطريقتهم من خلاخ الرقصة البدوية المشهورة "الدحية" ..
أذكر هنا بأن أيضا في النهار تمكن الأخوة في عقبة جبر من كسر الحصار بواسطة الخيل حيث أدخلوا أيضا الخبز للقرية وهذه كانت المرة الأولى لكسر الحصار عن القرية استكملها الأخوة عرب الكعابنة – اسود الصحراء .
الساعة الآن تقارب على الواحدة صباحا وهنا بدأت انا واصدقائي نشعر بالجوع خاطبتهم وقلت لهم بأنه استحقت الآن "قلاية البندورة" انا ويزن وحمزة ومحمد وأسامة أبو غالي انطلقنا الى موقع تواجدنا على الجهة الغربية وأعددنا موؤدة نار وانا بدأت باعداد قلاية البندورة بجانبها ابريق شاي معتبر وفور اعدادها بدأنا بدعوة من تبقى يقظا من الاخوة في المخيم واذكر هنا بأنه حضر الأخ أبو حسن مطر والأخ عمر شلبي والاخ صلاح الخواجا والاخ جميل البرغوثي وثائر انيس وفادي الشواهين وأبو الخطيب واحمد ادعيس حسن فقوسة وماهر سمارو وبدأنا جميعا في تناول قلاية البندورة التي كانت الأولى في المعسكر .. وهذه الجمعة الطيبة ازالت الكثير من الحواجز بين الاخوة وخصوصا بأننا من مختلف الوان الطيف السياسي الفلسطيني .. وتحقق المثل العربي "لقمة هنية .. بتكفي مية" ..
بعد ان فرغنا من تناول طعام العشاء انطلق مشوار الدوريات .. وللحديث بقية غدا في حلقة خاصة عن دوريات الامن والحماية في قرية عين حجلة ..
يتبع ..

0 التعليقات:

إرسال تعليق

فلسطيني وأفتخر

فلسطيني وأفتخر