صامد للأنباء/ من المؤكد ان الذاكرة الفلسطينية المفعمة بالرموز سوف تؤرخ لرحيل يونس الكتري القائد الوطني المعروف على طريقتها الخاصة فتقول انه رحل عن هذه الدنيا في عام الثلجة الكبرى.
يونس الكتري ،ابن قرية سمسم، لمع اسمه في منتصف الخمسينيات حين تم انشاء حركة الفدائين الفلسطينيين في قطاع غزة في العام 1955، حين كان القطاع تحت الادارة المصرية ،وقد اختار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي نبتت فكرة الثورة المصرية لديه من قلب حصار الفالوجا، واحدا من المع ضباطه وهو الشهيد مصطفى حافظ الذي تحمل بعض شوارع غزة ومدارسها اسمه حتى اليوم.
وكان يونس الكتري من الطلائع الاولى، ومن المعروف ان حركة الفدائيين الفلسطينيين في قطاع غزة –ارض البدايات، ذلك الشريط الضيق المحشور بين الماء والصحراء –جاءت استجابة لهبة جماهيرية واسعة النطاق، تطالب الادارة المصرية انذاك بان تفعل شيئا ازاء الاعتداءات والجرائم والمجازر التي كان يرتكبها الاسرائيليون ومعظمها كان يتم بقيادة ضابط اسرائيلي يقود ابرز احدى الوحدات الخاصة الدموية في الجيش الاسرائيلي اسمه ارئيل شارون ،الذي حقق شهرة واسعة لدى المجتمع الاسرائيلي نتيجة تلك المجازر، التي نفذتها وحدته ضد محطة السكة الحديد في الاطراف الشمالية لمدينة غزة وفي وادي غزة، وفي مستشفى الامراض الصدرية شرقي مخيم البريج، وضد مركز الشرطة في مدينة خان يونس وغيرها الكثير من الاهداف التي خلفت دماء بريئة مسفوحة، فهب اهل القطاع يطالبون بالسلاح، وقد نشأت حركة الفدائيين الفلسطينيين استجابة لتلك الهبة العظيمة، وقد تحولت تلك الهبة الى مفصل اساسي في تحول التوجهات الاستراتيجية للثورة المصرية وللمنطقة كلها بعد ذلك.
منذ منتصف الخمسينيات وحتى منتصف الستينيات كان التعبير السياسي المسيطر على أهل قطاع غزة ،هو انتماؤهم الى الاحزاب الفلسطينية السائدة في ذلك الوقت والتي تشكلت منها الحركة الوطنية الفلسطينية (القوميين العرب، الاخوان المسلمون، الشيوعيون، حزب البعث...... الخ )وقبل نهاية عقد الخمسينيات تاسست حركة فتح لتكون البديل الوطني والصوت الوطني الفلسطيني، وفي منتصف الستينيات اعلنت حركة فتح انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة، فتحول عقد الستينيات كله الى انبثاقات للحركات والفصائل الفلسطينية الثورية المسلحة.
ممن كان بامكانه ان يقاوم الاغراءات مع انه لو اراد لكان في الصدارة ؟
انه يونس الكتري .. الفدائي الفلسطيني، المقاوم الفلسطيني، المستقل الفلسطيني، الذي لم يجعل بينه وبين فلسطين أي وسيط، هو فلسطيني حتى النخاع الشوكي، ويريد ان تظل فلسطين عنوانه الاول والوحيد، وانتماؤه الاول والاخير، وحبه الاول والنهائي، وقضيته التي هي اول الكلام واخر الكلام.
يونس الكتر ي، عضو المجلس الوطني والمجلس المركزي الخبير المتعمق، في قضية اللاجئين، خفيض الصوت عالي الهمة، المحفور بدماثته، طويل النفس، الذي يحبه الناس ويحترمونه لانه حمل قضيتهم في قلبه، حمل جرحها العميق، وعدالتها التي لا تضاهى ،واملها الذي لا ينطفئ مع السنين.
يا ايتها الاجيال الفلسطينية : اكتبي في سجل الذاكرة المقدس ان الفدائي القديم، المناضل بلا ألقاب، القائد دون قرارات، يونس الكتري قد بدأ مشوره الطويل في منتصف الخمسينيات، حين داهم الاعصار البحري خيامنا فاقتلعها، فرحل بعد ان ادى ما عليه في عام الثلجة الكبرى وانه اصبح الآن جاهزا ليضيء شجرة الذاكرة الفلسطينية وان يكون حيا في نسيج الحكايات
0 التعليقات:
إرسال تعليق