صامد

صامد

الخميس، 24 أبريل 2014

لعلها العاشرة.. النابتة- عدلي صادق

صامد للأنباء -

 لكونه إعلاناً صدر من غزة، مبشراً بالعزم على تطبيق بنود الاتفاق على كيفية تطبيق الاتفاق؛ فإن لهذا معنيان، الأول أن المكان في مخيم الشاطىء، ينم عن حقيقة أن ظهرنا كفلسطينيين، بات للحائط سلماً وقتالاً.
والثاني أن الآخرين قد ضجروا منا، لأنهم رعوا العديد من الاتفاقات والتفاهمات، منذ لقاءات مكة، ثم المبادرة اليمنية، والمبادرات العربية، واتفاق القاهرة وعديد المرات والخضات فيها، ثم إعلان الدوحة. بعدها، لم يعد في قلب العالم العربي، بعض الصبر و"طول الروح" الذي تبقى في قلب الاتحاد الإفريقي وهو يتعاطى مع النزاع الأهلي في الصومال.
كان الخيار المحتم، هو أن يسلك الطرفان، طريقاً الى وفاق ما، دونما وسطاء، وأن يرميا وراء ظهريهما، كل أوهام الحرب والسلم وخطاب الانتصارات الفورية على صعيدها. فقد اضطرتهما الى ذلك احباطات السياسة واحباطات الحصار وتجلّطات الحكم في شقيْ الوطن، سعياً الى فتح ثغرة في الحصار وفي السياسة، وفي الأفق الى الحكم الدستوري الرشيد!
سجل الإحباطات يزخر بالأمثلة غير المشجعة عن طرق التنصل والزوغان. لكن ما يُضفي الصدقية هذه المرة، فضلاً عن المدلوليْن اللذين يمثلهما مكان إعلان "الشاطىء" مثلما اقترح تسميته أحد الصحفيين؛ أن عناصر التنصل والزوغان، كانت تلعب بمعادلات الإقليم وعلى سلالم العلاقات فيه، فتجامل الوسطاء وتقبل، لكن المعنى يظل في بطن الرافض، ثم تراهن هذه العناصر على التفصيلات والتطبيقات، لكي تفتح فيها ثغرات للخروج.
لعلها نقلة نوعية هذه المرة، إذ ربما يختلف الأمر عن بشائر كثيرة سابقة لطالما تعرضنا لأسباب انتكاستها. وعلى الرغم من وجاهة إعلان الفتحاويين قبل التوجه الى غزة، عن إغلاق باب الحوار وفتح الباب لهدف حصري هو تطبيق الاتفاقات، وعن كون الحوار قد انتهى؛ إلا أن الحوار الجوهري الواجب، لم يبدأ في الحقيقة. إن الذي انتهى هو الحوار المتعلق بالخطوات والتدابير بخطوطها العامة. ونعني هنا بالحوار الذي لم يبدأ، ذلك الذي يناقش جوهر السياسة واستراتيجية العمل الوطني. فكل شأن على هذا الصعيد، يتأسس على السياسة، ولا تتأسس هذه الأخيرة على تدابير إجرائية، ولا شراكة سياسية بدون قواسم مشتركة. ولا قواسم مشتركة بلا حوار موضوعي معمق وبناء، يناقش كل الفرضيات، دون استبعاد أيٍ منها، ويخرج بالقناعات المشتركة. فإن كنا نتوافق على المقاومة كحق من حيث المبدأ، أو نتوافق على التسوية المتوازنة من حيث المبدأ، فليناقش الطرفان، بمنطق علمي جدوى الأخذ بأي من الخيارين، وطرق الصبر على استعصائهما، لكي يأخذنا الحوار المسؤول الى رؤية تقوم عليها الشراكة. أما أن يأخذ فريق بأحد الخيارين، لفظياً على الأغلب، ثم يكتفي بذم الخيار الثاني وأصحابه، فلا شراكة عندئذٍ!
واقع الحال، إن المحتلين قد فعلوا كل شيء، لكي لا يكون في استطاعة الفلسطيني أن يسالم أو أن يقاتل. وعندما فعلوا ذلك، أطلقوا عفريت الاستيطان العنصري الهمجي، وكانوا مستفيدين من الخصومة الفلسطينية. وقد ركزنا مراراً، على كون خياري المقاومة والسياسة، كلاهما، يحتاجان الى عناصر القوة الاجتماعية والى الوحدة والى صلابة الكيانية الوطنية وعافيتها. السياسة تتطلب هذه العناصر بالقدر نفسه الذي تتطلبه المقاومة. الفارق بين الخيارين، يكمن في أيهما أصعب وأكثر كلفة وأقل فائدة بمعايير الوقائع الفعلية على الأرض. فالمسألة ليست شعراً ولا ترفاً. والخياران شديدا الصعوبة، ولا يُغير كل الطنين، عن فرقانات الانتصار وعن "الحياة مفاوضات" شيئاً من الواقع.
في هذا الخضم، بدا عنوان معركتنا في هذه الأثناء، هو الوجود والصمود على الأرض. فمثلما تكسرت هجمات السياسة، تكسرت هجمات النيران، حتى لم يعد في وسعنا أن نهجم. بات الرهان على وحدة الفلسطينيين وعلى قدرتهم على تعزيز هيبة كيانيتهم الجامعة، وتنـزيهها عن رقاعة السياسة وعن رعونة الحرب، وتفعيلها لإقامة القسط بين الناس ولأن تمثل أرادتهم. بهذه الكيانية وحدها، نكون أكثر إقناعا وأقوى قدرة على مد الجسور مع الشعوب في الإقليم وفي العالم، ونصبح أقل تعرضاً للسخرية وللاستضعاف. أما نتنياهو هذا، الذي يفرض على علينا وعلى العالم، أقبح سياساته الاستيطانية، ثم تستثيره أجمل خياراتنا الداخلية؛ فلا ينبغي أن نقابل تهديداته بغير الاحتقار وتجديد العزم على مطاردة إسرائيل في العالم كله، لفضح سياستها ولعزلها كدولة سيئة السلوك والسمعة. وهذا، يمكن أن يُتاح لفلسطين الموحدة، في حال كانت البشرى العاشرة هي النابتة!
adlishaban@hotmail.com

0 التعليقات:

إرسال تعليق

فلسطيني وأفتخر

فلسطيني وأفتخر